Tuesday, June 16, 2020

المتطفل

إنه لمن المرهق للغاية أن تتسلل إلى روحك تلك المشاعر البغيضة والسيئة للغاية، والتي تتمركز حول الشعور بالتطفل حين ترغب في الحديث أو بدء حوارٍ ما مع أحدهم.

نعم، إن حديثي اليوم هو عن تلك المشاعر والأحاسيس التي تنتاب الإنسان الخائف والمتردد حين يريد أن يبدأ أي نوع من أنواع التواصل مع صديقه أو قريبه أو أي شخصٍ ما.

وأكثر ما يزعج في هذه المشاعر والأحاسيس هي تلك الأصوات الوهمية التي تسبب الشلل الكامل للعقل في أن يفكر بشكل سليم لأجل الخروج من هذه الورطة العميقة.

ومن هذه الأسئلة التي تراود الإنسان هي: - يا ترى هل أرفع السماعة لكي أسمع صوته وأتحدث معه أم أنه سوف يغلق الهاتف في وجهي لأنه وبصريح العبارة قد زهق مني ومن تواصلي المستمر معه؟

أيضاً تأتيك هذه التساؤلات حين تدخل إلى إحدى المقاهي لإرتشاف كأسٍ من القهوة اللذيذة ثم تشاهد جمعاً من أصدقائك وهم مجتمعين معاً في إحدى الطاولات ثم تريد التقدم لأجل السلام عليهم والاطمئنان عليهم، وفجأة يأتيك ذلك الصوت الذي لا تعلم مصدره ليقول لك بكل بساطة: - احذر من الاقتراب لأنك شخصٌ متطفل ولا يرغبون في وجودك بينهم.

وإن ابتسموا أمامك أو ضحكوا أو حتى قاموا بالترحيب بك بكل حرارة وأخوة ومحبة، إلا أن العقل لايزال مصراً على أن كل هذه الأفعال ما هي إلا مجاملة فجة منهم لكي تكون شخصاً خفيفاً ثم تغادر هذا الاجتماع مبكراً.

وهناك أمثلة عديدة على مثل هذا الشعور المزعج الذي يسمى التطفل أو التواجد بشكل ثقيل بين أناس لا يرغبون بتاتاً في تواجدك بينهم.

وإنني أتساءل هنا حول ذلك السر الجوهري في جعل الشخص محبوباً بين الآخرين وذا قبول كبير وبين شخص آخر يظل منبوذاً طوال حياته ويتحسر على وجوده في هذه الحياة. وكيف له أن يصبح شخصاً محبوباً ولطيفاً ويتقبله الجميع من دون أي مجاملة أو تكلف أو حتى تصنع تلك الابتسامة السخيفة.

إن الشخص الذي تنتابه هذه المشاعر يظل دائماً في تساؤل مستمر حول الطريقة المناسبة لتجنب هذه المشاعر والتقدم في هذه الحياة بشكل واثق وثابت الأقدام، أو الاستسلام لهذه المشاعر وإن كانت وهمية وغير حقيقية إلا أنها تظل في حقيقة الأمر ... مشاعر مؤذية للغاية ولا يرغب أي شخص في أن يعيشها.

ومن المشاهد الحقيقية التي أرويها لكم كشخص كاتب لهذه المدونة، فقد كنت في مرحلة المتوسطة أحاول جاهداً بناء علاقات صداقة مع المحيط من حولي داخل المدرسة. إلا أنني في كل مرة أواجه نفس الموقف ونفس المخاوف. وللأسف فلم أستطع تجاوزها أو حتى النجاح في كسرها والتغلب عليها.

والمصيبة الأعظم أنها كبرت معي رويداً رويدا حتى بلغت من العمر ما بلغت ولا زلت أعاني من نفس الرهبة ومن نفس تلك الأصوات.

ولكي أخفف من صدمة الأمر فإنني أكون واضحاً وصريحاً مع الطرف الآخر بخصوص هذه المشاعر. وأن أشرح له بكل وضوح ما أشعر به أثناء تواجدي معه بنفس اللحظة. وعليه إما أن يخفف عني هذه المشاعر أو أن يتهمني بالجنون ثم يرحل مغادرا.

وأحمد الله تعالى أن معظمهم كانوا يقدرون هذا الشيء ويقفون بجانبي محاولين تخفيف هذه الرهبة وكذلك محاولة التخلص من هذه المشاعر المزعجة. وأنهم بالأخير هم أشخاص جيدين ومسالمين ولا يحملون بداخلهم أي مشاعر من مشاعر الكراهية أو لنقل مشاعر الوجه الآخر.

 

 

محبكم

#أحمد_حسين_فلمبان

كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم

No comments:

Post a Comment