Monday, October 18, 2021

نزهة

 ها أنا اليوم أكتب إليكم من أمام البحيرة الجميلة في مدينة باتومي على أراضي تلك الدولة التي تقع في الشرق الأوربي والتي يطلق عليها اسم "دولة جورجيا" وقد اقتربت رحلتي البسيطة على النهاية، والتي استغرقت فقط إحدى عشر يوماً، متنقلاً فيها بين عدد من المدن وسط أحضان الطبيعة وأصوات العصافير وأنواع أخرى مختلفة من الطيور بالإضافة إلى تساقطٍ للأمطار كان رائعاً للغاية خلال الأيام الأولى من وصولي إلى هنا وربما تعود من جديد حين أهم بالمغادرة من هذه البلاد الرائعة والعودة مجدداً إلى أرض الوطن.

وعن سبب اختياري لكلمة "نزهة" لكي تكون عنوان هذا الحوار الذي أبوح به إليكم ... هو حاجتي الشديدة للنزهة بعد الضرر النفسي الذي وقع على روحي بسبب جائحة كورونا الخانقة والتي استمرت قرابة العامين، أُغلقت فيها الحياة تقريباً من حول العالم عند بداية الجائحة ثم بدأت تعود تدريجياً قليلاً قليلا مع العثور على لقاح لهذا الفايروس الخبيث حتى نعيد إحياء الحياة من جديد ونستطيع التحرك بكل أريحية وبلا قيود أو شروط تمنعنا من الاستمتاع في هذه الحياة.

وببساطة ... فإن هذه النزهة هي أكثر ما يحتاجه المرء في حياته لأجل الترويح عن النفس وأيضاً للخروج من بوتقة روتين الحياة المستمر ما بين الذهاب إلى العمل كل صباح ثم العودة مجدداً إلى المنزل في المساء ومن كان متزوجاً فعليه أن يراعي أهله ومنزله وأطفاله وأن يرى ما هي احتياجاتهم حتى يقوم بتوفيرها لهم وحتى تستمر الحياة بلا توقف.

لكن ... يكون التوقف مؤقتاً عن اللهو في هذه الحياة من الضروريات إذا ما وجد الإنسان نفسه محاصراً بالكثير من الضغوط النفسية وربما انطفاء العزيمة والشغف بداخله لكي يذهب إلى مصدر رزقه ورزق أبنائه وزوجته كل صباح.

ولذلك فإنني أشير إلى ضرورة أخذ نزهة قصيرة ومحاولة خلق تجربة جديدة في الحياة كالسفر مثلاً خارج الوطن أو السفر داخل الوطن إلى مدينة أخرى واستكشافها في حال لم يسبق له زيارتها أو أن يقوم بالحصول على إجازة قصيرة من العمل لأجل محاولة التنزه في نفس المدينة التي يعيش ويعمل بها إن كان لا يقدر على السفر خارج أو داخل الوطن.

وعن تجربتي الشخصية في هذه النزهة فكما أسلفت بالأعلى بأن روحي ونفسي من الداخل قد تضررت بشكل كبير بسبب حظر التجول الذي حدث عند بدايات الأزمة ثم المنع من السفر خارج الوطن ثم بعد ذلك تم السماح بالسفر لكن وفق شروط وقيود مشددة لأجل السلامة الصحية والتأكد من عدم عودة الفيروس إلى الوطن من جديد عبر القيام بحملة كبيرة جداً لأجل إعطاء اللقاح الذي سيحمي بعدالله عزوجل من الإصابة بهذا الفيروس، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت حاجة السفر إلى خارج الوطن بداخل نفسي منذ العام 2019 بعد آخر رحلة قمت بها في شهر نوفمبر من نفس العام إلى جمهورية كوريا الجنوبية.

وقد كنت مخططاً على السفر إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة من أجل الالتقاء بصديق الدراسة وصديق الحياة الذي التقيت به في الولايات المتحدة الأمريكية العام 2014م إلا أن الإجراءات والقيود داخل الصين لازلت مشددة وتحتاج إلى البقاء تحت الحجر المنزلي الصحي لمدة طويلة حتى تستطيع مغادرة مقر الإقامة والاستمتاع برحلتك مع أياً كان.

ولهذا فقد اعتذرت من صديقي وقد قدر هذا الاعتذار لأنه يعلم تماماً ماهو مصير مخالفة هذه الإجراءات المشددة ولذلك قمت بتغيير البوصلة إلى هنا (من حيث أكتب إليكم هذه الكلمات) "جورجيا" وبالتحديد مدينة باتومي على الساحل الغربي للدولة.

وكما أخبرتكم بالأعلى فقد كانت نزهتي غير ثابتة في مدينة واحدة بل كانت متنقلة من مدينة إلى أخرى عبر السفر براً بالسيارة مع أخي الجورجي الذي يملك سيارة والذي تم تعيينه كسائق أو قائد خاص لكي يقوم بأخذي إلى كل الأماكن التي تمت جدولتها مسبقاً قبل وصولي إلى هنا

وحتى هذا اليوم ... فإن النزهة كانت وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى .... رائعة وتفوق الوصف والخيال والجمال ولم يسبق لي أن رأيت مثلما رأيت هنا حتى وإن سافرت إلى دولٍ مختلفة من حول العالم

وفي النهاية فإنني أتمنى لكل من يقرأ هذه الكلمات والعبارات التي دونتها لكم أن يرزقه الله سبحانه وتعالى تلك النزهة التي يحلم بها منذ مدة وأن يعيش تفاصيلها بكل سعادة مع نفسه أو مع شخص يحبه ويتمنى أن يسافر معه.


محبكم

#أحمد_حسين_فلمبان

كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم

Saturday, September 18, 2021

زيف

 وبعد انقطاع فترة من الزمن عن الكتابة في هذه المدونة، أعود من جديد إليكم حاملاً في جعبتي بعض الكلمات التي أريد التعبير عنها حول "زيف الحقيقة" لدى بعض البشر من حولنا وكيف يطاوعه قلبه بأن يعامل الآخرين من حوله على أنهم أغبياء، تافهين، لا يدركون الحقيقة ولا يعلمون حقيقة من يتعاملون معه لأنه ببساطة قد اعتاد زيف الحقيقة في حياته ولربما منذ طفولته.

نعم، إن من يعتادون "زيف الحقيقة"

هم في حقيقة الأمر ... أشخاصًا من ورق بحسب تصوري الشخصي، أي أنه من السهل تمزيقهم وتمزيق تلك الابتسامة وتلك النظرة وأيضاً تلك الأقوال الزائفة التي يتفوهون بها.

ولأن الشخص الذي اعتاد العيش بشكل مزيف يريد أن يرهب الآخرين من حوله حتى لا يكشفون حقيقته الهشة، لذلك يعاملهم بأنفة وتعالي وكبرياء، وأنني ذلك الشخص الذي لا يقهر ولا يستطيع أحد أن يكسر هيبتي أمامكم.

وللأسف ... فإنني أستطيع القول بكل بساطة بأن من يتعامل مع شخص مزيف في حياته، فقد قبل الخضوع والخنوع على نفسه ورضي بإذلال روحه أمام غطرسة وعنجهية ذلك المزيف وأن الشخص الذي يقع في هذا المحظور لا يريد للأسف – ومن وجهة نظري الشخصية – أن يستسلم أو يعترف بأنه يتعامل مع شخص مزيف.

وإذا أردتم أمثلة فالأمثلة لا تعد ولا تحصى ... فهناك من يزيف زهده وهناك آخر من يزيف صدقه وأمانته وآخر من يزيف صداقته والقائمة لن تنتهي وإن استمررت في الكتابة حتى أبد الدهر ... ببساطة لأن المزيفون لا ينتهون من الحياة ولن يقبلون التراجع بسبب ما يلمسوه من زيادة زائفة في قوتهم وسيطرتهم على الآخرين وبسطة أيديهم عليهم وكذلك شعور اللذة من السيطرة عليهم.

ومهما يصنع هذا الشخص المزيف من أفعال أو أقوال سيظل كما ذكرت بالأعلى شخصاً من ورق، وأنا أتحدث هنا عن الجنسين من الذكور والإناث وليس جنساً معيناً لأن التزييف صفة لا تتعلق بجنس أو بهوية معينة بل هي تتعلق بصفات وسلوك الشخص نفسه حتى وإن أحسنوا والديه في تربيته إلا أن هذه الحقيقة لابد لها أن تظهر يوماً من الأيام وأن تكون واضحة أمام الآخرين مثل وضوح الشمس في منتصف النهار.

ولكي أعطيكم دليلاً على وجود أشخاص مزيفين من حولنا، فعليكم الانتباه إلى مسألة بسيطة وهي مسألة "الالتصاق المؤقت"

أي أن الشخص يبقى إلى جوارك لأجل مصلحة معينة – أموال مثلًا – وفي حال انقضاء هذه المسألة، تركك هذا الشخص المزيف في دوامة الحيرة مع نفسك لأجل إيجاد ضحية أخرى لديها نفس المصلحة التي كنت تملكها لأجل إسعاد نفسه والترويح عن ذاته الأنانية من دون الاكتراث لما آلت إليه نفسية الشخص الأول وكيف أصبحت بسبب ممارسته الشنيعة لما ذكرته: - "زيف الحقيقة"

وإلى هنا أختم هذه الكلمات التي كتبتها إليكم عن "زيف الحقيقة" وأن أدعوكم إلى الإبصار دوماً إلى أولئك الأشخاص الذين يعبثون من حولكم، وفي حال شعوركم – ولو بشعور بسيط – ذلك أنك تحولت إلى شخصٍ مستسلمٍ لغيره أو لنقل خاضعٍ لأوامره فعليكم الانتباه والحذر واليقظة دوماً من كل الحركات والسكنات وأن لا تجعلوا شخصاً معيناً بحد ذاته أن يفرض سيطرته عليكم وفي حقيقة الأمر هو شخص زائف وكل ما تراه يتوهج من حوله إنما هو "زيف للحقيقة"

 

 

محبكم

#أحمد_حسين_فلمبان

كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم

Saturday, April 17, 2021

تقدير

             لا أعلم عزيزي القارئ / عزيزتي القارئة سبب اختياري لهذا العنوان لكي يكون موضوع حديث هذه التدوينة التي لا أعلم إن كنت سأجيد صياغتها لكم أم لا، ولكن رغم ابتعادي الطويل عن ميدان الكتابة سأحاول قدر المستطاع إفراغ ما بجعبتي من أحاديث ومشاعر حول موضوع اليوم وهو الــــ "تقدير" وبالتحديد حول تقدير المرء لذاته الشخصية وارتباط ذلك بتقدير الآخرين له.

            وقبل أن أسترسل في الحديث معكم حول هذا الأمر وذلك بشكل موسع، دعوني أذكركم بتلك المقولة الشهيرة التي تقول بكل بساطة "أرض من غير ناس ما تنداس" أي أن أي كائن بشري لا يستطيع وإن حاول بشتى الطرق والوسائل في أن يكون بمعزلٍ عن الآخرين وبالتالي فإنه لا يستطيع البقاء وحيداً في هذه الحياة من دون صخب من حوله وأصواتهم وكذلك الأهم وهو تشجيعهم وتحفيزهم.

لكن هل يستطيع الإنسان تقدير ذاته من دون الآخرين؟

يقول براين ترايسي "من بين أفضل تعريفات تقدير الذات هو مقدار ما يعتقد المرء أنه يستحقه من المديح، وكلما امتدحت مديحاً صادقاً تجاه أحدهم، زاد حبهم واحترامهم لأنفسهم وشعروا بالرضا تجاه أنفسهم"

وبالتالي ... فإن من رأيي الشخصي أن الإنسان يزداد حبه للحياة واندفاعه نحوها بكل حب وتقدير لذاته، إذا ما وجد تلك البيئة التي تحيط به وتشجعه وتحفزه وتعطيه تلك الجرعة الرائعة من الأمل.

يقول الكاتب الرائع "حسام بن عبد الله باعظيم" في رائعته الجميلة رواية {خيال} "... فسعيد الحظ هو من امتلك الأهل والأصدقاء من يكن له كالشمعة رغم احتراقها إلا أنه أضاء له الطريق، والقوي هو من استطاع رغم الظلام والوحشة إلا أنه لم يفقد الثقة بقدرته بعد ثقته بالله واستطاع أن يشرق بشمسه في وجه الظلمة بقوةٍ منبعها (هو)".

ولهذا فإن وضع أيدينا بعضها ببعض سوف يزيد من ذلك الوقود المتوهج بداخلنا والتي نسميها "تقدير الذات" وهذا التقدير يدفعنا للعطاء باستمرار وعدم تخلينا عن أحلامنا أو أهدافنا في هذه الحياة

 

 

محبكم

#أحمد_حسين_فلمبان

كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم