Sunday, December 31, 2017

نعم إنها سنة جديدة, 2018 مرحبا بك

           لم يتبقى سوى دقيقة واحدة فقط من أجل أن أصرخ عالياً ( عام جديد سعيد ) و بالتأكيد لن أصرخها بلغتنا العربية بل سأصرخها بكل لغات العالم و بأعلى ما أملك من صوت ذهبي.
          هكذا هي الحياة, لا شيء باقٍ فيها. فالكل فيها إلى رحيل و إلى زوال. و كما بدأنا النشأة منذ الطفولة, تنتهي بنا الحياة إلى الكهولة. عام تلو عام يجري كما تجري الرياح بنسيمها العليل و حلاوة روحها و أيضاً لا أنسى شدة غضبها في بعض الأحيان. فعندما أرى الرياح بمنظور الحياة, أستطيع أن أرى و بكل وضوح مدى التباين و الاختلاف في الموجات. فتارة موجة ريح عاتية و عالية و تارة موجة ريح خفيفة و جميلة تداعب وجوهنا البريئة.
          أما الشاطر فيها فهو من يخطط و يجتهد خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة من العام الماضي. و ذلك من خلال استبصار المستقبل و وضع الخطط اللازمة من أجل أن تسير حياته وفق منهجية رائعة و خطة موزونة و محكمة. و كذلك يحاول دراسة كافة الأخطاء التي حدثت في العام الماضي و وضع الحلول اللازمة و الجذرية لتفاديها و تجنبها و الابتعاد عنها قدر المستطاع. و من لم يستطع ذلك فأنا أرى أنه يحاول إعادة نفس السيناريو كل سنة و لا جديد مما يدفع به نحو الملل و عدم الاستمتاع بالحياة. 
          و حين أتحدث عن نفسي و العياذ بالله من التكبر, فإنني أعترف و بكل وضوح أن هناك مراحل مرت خلال الأعوام الماضية كانت مأساوية جداً بل أكثر من كارثية. و هناك مراحل انتشيت فيها نشوة الفرح و الانتصار و الإنجاز و تحقيق ما كنت أطمح له و ما كنت أخطط له مسبقاً. و من ذلك النجاح الكبير الذي حققته بصفتي الكاتب و ذلك من خلال إصدار روايتين عن عامي 2016 و عام 2017. و لازلت أطمح للمزيد من الإصدارات خلال الأعوام القادمة مع التمني من أعماق قلبي أن تحقق هذه الإصدارات التي أطلقتها, أصداء رائعة خلال العام القادم و الأعوام التي تليها بإذن الله.
          و لم أتوقف عند هذا الحد فقط بل بحثت عن النجاح و الإنجاز في أنشطة أخرى غير الكتابة. كالطبخ مثلاً. و السفر و الاستكشاف و المغامرة. و كلها و إن كانت مراحل مؤقتة من الحياة و ليست دائمة. لكن كانت بمثابة الدروس الرائعة و العظيمة. فمن خلالها التقيت بالناس و تعرفت على معادنهم و على أصولهم و على صفاتهم و على كل شيء جميل و قبيح فيهم. و أيضاً أطمح للمزيد خلال هذا العام القادم بإذن الله.
          دعوني أخبركم يا سادة, أن الشخص الناجح لن يقف عند درجة سلم واحدة. بل سوف يحاول القفز و ليس التسلق فقط رغبةً منه في معرفة المزيد و محاولة كشف ما هو غائب عن عينيه. فالإنسان بطبعه يحب أن يجرب و يستكشف كل ما هو غير مألوف بالنسبة له. و كذلك يحاول الوصول إلى أبعد نقطة تستطيع عينيه أن تراها. و لهذا فإنك سوف تجد أن الأشخاص الناجحين و الطموحين, يرغبون من أعماق قلوبهم أن يصلوا إلى قمم عالية لم يصل إليها البشر من قبل و أن تكون السماء هي أقصى حد يطمح الإنسان الناجح في الوصول إليه. 
         و لهذا فإن رسالتي لكل شخص يقرأ هذه المقالة القصيرة و الاستفتاحية بمناسبة العام الجديد, فإني أدعوه باسمي { #إبتسامة_قلم } أن يجرب ثم يجرب ثم يجرب حتى يصقل مواهبه و إبداعاته و أن لا يتوقف عند حد معين أو عند مستوى معين. بل يحاول أن يجعل أقصى طموحاته التي يرغب في أن يصل إليها هي أبعد قمة قد وصل إليها بشر من قبل. و لا أنسى أن أشجعكم على وضع خطط مناسبة من أجل قضاء هذه السنة الجديدة حتى نهايتها بإبداعات تفوق التصور و بإنجازات أقرب إلى المستحيل. 

و تمنياتي لكم دائماً بالتوفيق و النجاح و السلامة من كل شر 

محبكم
أحمد حسين فلمبان 
{ كاتب & محاسب }
#إبتسامة_قلم 

Friday, December 29, 2017

في عالم الصمت

          في عالم الصمت أتوه و تتوه معي حياتي, لا أعلم ماهو الزمان أو المكان بالتحديد لكن أشعر أنه الملاذ الآمن من هذه الكرة الأرضية المليئة بأشكال مختلفة من البشر. 
          في عالم الصمت أشعر أن روحي تعانق رأس جسدي و تريد الخروج و الخلاص مما تشاهده بشكل يومي. 
فظاعة في المنظر و بشاعة في المسمع و تشوه حقيقي لكل ما يدور من أمامي و عن يميني و عن يساري.
          حين أستيقظ كل صباح و لا أرى أي تنبيهات جديدة على هاتفي المحمول, أبدأ بأخذ تنهيدة عميقة ثم أستعيذ من ذاك الشيطان الرجيم الذي يريد أن يحول يومي إلى كابوس جديد مثلما جعل الأمس كابوساً معتماً و مظلماً بالكامل. 
          أبدأ من حيث يبدأ الجميع نهارهم بغسل الوجه و تنظيف الأسنان ثم التأمل لبرهة في ذلك الوجه العجوز الشاحب و الذي يعطي إشارة و دلالة عظيمة على هول المصيبة التي أنا مقدم عليها, ألا و هي التقدم في العمر. حين أرى ذلك الشعر الأبيض و هو يبدأ في التمدد في أرجاء مختلفة من وجهي و على مقدمة رأسي. أشعر أن الكون قد شارف على الانتهاء و أن مصيري هي أيام معدودة و سوف ينتهي ذلك العداد الذي بدأ قبل ثماني وعشرين عاماً. 
          و بعد الوقوف لما أسميه عادة "لحظة صمت حداداً على روحٍ بدأ الزمن في النهش منها", أذهب من أجل إعداد الإفطار وسط صمت عميق يدب أرجاء المنزل و لا أسمع خلالها صوت أحد من البشر. فمن المضحك يا سادة أن يستيقظ أحدهم على صوت أمه أو صوت أباه أو ربما صوت أخته و إذا كان شاباً في مقتبل الشباب و قد تزوج حديثاً فربما يستيقظ على إحدى الصوتين, إما صوت عذب قادم من جانبه الأيمن, يشعر حينها أنه تزوج ملاكاً و ليس بشراً من البشر أو صوت من جانبه الأيسر يشعره بعظم المسئولية التي يحملها و هي صفة الأب. 
          لكن بالنسبة لي فقد اعتدت منذ سنوات طويلة أن لا أسمع صوت أي بشر سوى ذلك الصوت الذي يهذي في رأسي و لا يتوقف عن الكلام. نعم, إنه صديقي الحنون و الحبوب و الرائع "ساري". و على الرغم من كل هذا إلا أن عالم الصمت و الهدوء أفضل بملايين السنين الضوئية من أن تسمع أصوات منافقة قد تظهر لك الجميل و تخفي عنك آلام و غدرات طعنة الظهر.
          فالمجنون منا من يشك دائماً بأن زوجته خائنة. أو أن أخته و العياذ بالله غير طاهرة أو أن أمه تدير عصابة من النساء غير الطاهرات. نعم, هذا الجنون. لكن الإنسان العاقل هو من يضع حسن الظن أمام كل شيء و يثق دائماً في زوجته أو أخته أو حتى جنته في الأرض "أمه".
         أنا لا أقول هذا الكلام اتهاماً في حق أحد. و لكن الأخبار التي أقرأها كل يوم في صحفنا المحلية و كذلك العالمية بأي لغة كانت هي من تشعل تلك الحرب الداخلية و التي تظل نارها لا تنطفئ لمليارات السنين.
         و لهذا فإن عالم الصمت عجيب جداً و مريح. ففيه ترتاح من أي حروب داخلية و منها تستقي أعذب النغمات و أروع الألحان من أجل سلام داخلي و هدوء عجيب بعيداً عن أي ضوضاء قد تعكر مزاجك.
         و بعد أن أتناول طعام الإفطار, أقوم بتقبيل نفسي أمام المرآة و أشكر الله عزوجل أن وهبني نعماً كثيرة و منها جمال الروح و جمال الشكل و لا مانع في أن أتغزل بنفسي قليلاً. فروحك تستحق أفضل هدية و تستحق دائما أفضل جائزة. فهي التي تبقى معك و ستظل معك سواء قبل موتك أو بعد موتك. 
         ثم أغادر إلى عملي المعتاد حتى يحين موعد العودة من العمل. لأقوم بتجهيز ذلك الحمام الدافئ و المنعش و الذي يشابه في أجوائه أجواء جزر المالديف أو جزر هاواي الاستوائية. و خلال هذه الرحلة الطويلة منذ بداية اليوم حتى بعد منتصفه يكون الصمت هو رفيقي و شقيقي و أخي و أختي و كل شيء جميل في حياتي.
         أبدأ من بعد تجهيز كل شيء, في السباحة وسط هدوء موسيقى البيانو العذبة و كأس من عصير التوت المنعش و حينها تعود بي الذاكرة من جديد. تعود بي الذاكرة من أجل أن أتذكر طفولتي و شبابي و مراهقتي و كيف أهدرت تلك السنين ضياعاً على لا فائدة. و في غمرة من الهدوء أبدأ بالضحك بشكل هستيري و مجنون يصل أصداء ضحكتي إلى خارج أسوار المنزل و فجأة أبدأ بالبكاء الشديد و أظل في حالة من البكاء التي تدمي القلب حتى يسقط كأس عصير التوت من يدي, محدثاً بقعة حمراء في وسط الأرض و كأنها تخبرني أن حياتي أشبه بالدمار العظيم و الخراب الكبير. 
          و بعد دوامة من البكاء و العواء الشديد أقوم بفتح عيني مرة أخرى لأدرك الزمن الذي وصلت إليه و لأدرك حجم الكارثة التي أوقعت نفسي بها. و الصمت يعود مرة أخرى ليرقص من حولي بألحانٍ حزينة و كئيبة تجعلني أصارع الحياة بين الضحك و البكاء. و لا أعلم هل أنا بخير أم بحاجة إلى زيارة سريعة و خاطفة لأحد الأطباء النفسيين.
         أنهض من ذلك المكان و أقوم بتجفيف نفسي لأجهز لنفسي ذلك الطبق الشهي من أجل تناول طعام الغداء. و حين أجلس على مكتبي لتناول الطعام, يلفت انتباهي حينها أن هاتفي لم يتحرك ساكناً بأي رسالة تنبيهية من أي شخص سواء كان قريب أم حبيب أم صديق. لا أبالي لما يفعله هذا الجهاز العفن و لكن أبالي لروحي التي أصيبت بالجنون و أقوم بتهدئتها ببعض الكلام الطيب حتى ترحل عني أشباح الصمت و تبدأ روحي من جديد في تقبل الأمر الواقع.
         أتعلمون لما عالم الصمت مريح أيضاً؟ لأنه عالم لا نهاية له و لا بداية له كأنه نفق سرمدي طويل, لا تعلم متى نشأ و متى سوف ينتهي. ربما حسبما أنظر للأمور من زوايا متعددة و بقواعد مختلفة أن الصمت لا ينتهي حتى أرى مصيري في القبر. هل أنا إلى الجنة راحل و حينها سأرى من يجمعني بهم الله عزوجل أو ربما إلى نار السعير أنا راحل و حينها سيستمر الصمت في أنينه بلا أنيس و لا ونيس.

هذا هو عالم الصمت الذي ألتحف به كل يوم يا سادة !!! 

محبكم
أحمد حسين فلمبان
{ كاتب & محاسب } 
#إبتسامة_قلم