Thursday, July 20, 2017

الحزن أو السعادة

الحزن و السعادة متناقضين غريبين. لا يرغب أحدهم في أن يرى الآخر و يرغب كل منهم أن يقول أنا الأفضل.
الحزن هو الأفضل؟
لطالما عرفنا و آمنا و صدقنا أن السعادة هي طريق الراحة و الإيجاببة و التفاؤل. لكن هناك بعض الغرباء على الأرض ممن يعشقون الحزن و يتلونون بألوانه الداكنة، غير المفرحة. و منهم من يجعل الحزن هو الشعار الوحيد لحياته.
فتجده طوال حياته لا يعدد نِعم الله عليه بل يُعدد المصائب التي حلت في حياته. متناسياً و متجاهلاً ما أنعمه الله عزوجل عليه في حياته
لكن هل الحزن يعتبر أفضل من السعادة؟
هناك عدة مناظير يمكن أن نتحدث عنها و أن نُبحر من خلالها حول المقارنة بين السعادة و الحزن. لكن لو أخذنا ذلك من منظور إطلاق الأخبار بين العامة فالأمر هنا نسبي و يصل إلى 50% لكل طرف.
فلو فرضنا على سبيل المثال أن هناك دولة أفلاطونية شديدة الكمال و بالغة أقصى درجات التطور البشري و العلمي. و كانت معظم أخبارها، بل جميع أخبارها هي أخبار سعيدة و إيجابية و متفائلة
النتيجة بكل بساطة سوف يشعر جميع سكان هذه المدينة بالملل.
و السبب أنه لو افترضنا وجود حالة وفاة داخل المدينة فكيف يستمع ذوو الميت إلى الأخبار السعيدة؟
و كذلك إذا نظرنا إلى موضوع الحزن و طبقناه على نفس العينة فسوف نجد نفس النتيجة بشكل معاكس.
فلو كان هناك حفل تخرج أو زواج، فمن الصعب جدا أنك تستمع إلى أخبار حزينة.
لذلك عزيزي القارئ، ليس فقط أن تنتبه إلى توقيت إطلاق الخبر، بل يجب عليك مراعاة مشاعر مَن يتلقون الخبر. و عليك ضبط النفس و بكل قوة في الحالتين.
فلا تفرح بشكل مبالغ عن الحد و لا تحزن بشكل مبالغ أكثر عن الحد.
وازن نفسك فكل طرف منهم يريدك لفريقه حتى لو لم تسير الأمور وفق مخططاتك فيجب عليك التحلي بأقصى درجات ضبط النفس.
إن السعادة و الحزن متضادين يقفان كالأعداء. كلٌ على ثغره و ينتظر فريسة سهلة حتى يلتهمها
و لا تنسى أن لكل جانب عالمه المظلم الخاص به
فمنهم من يكون سعيداً لأنه كسر القانون و منهم من يكون حزيناً لأنه تجاوز القانون. و هنا الفرق
فاختر الذي تريد العيش معه و لا تستسلم لذلك
وفقك الله

Thursday, July 13, 2017

بر الوالدين

قال الله تعالى في محكم تنزيله بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم 


في البداية و قبل أن أتعمق أكثر في أسبار هذه المقالة و في داخل تفاصيلها, دعوني أقف دقيقة صمت بالدعاء لمن فقد أحد والديه أو جميعهم و ذلك بالدعوة لهم بالرحمة و المغفرة الحسنة و أن يرزقهم الله عزوجل الفردوس الأعلى مع النبيين و الشهداء و الصديقين. و أسأل الله عزوجل أن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة و أن يهب عليهم من برادها و من نسماتها العليلة. و أسأله عزوجل أن يغفر لهم ذنوبهم و يؤنس وحدتهم و أن يصبر قلوب أحبابهم و أقاربهم و أسرهم.

حسناً لماذا نتكلم هذه المرة عن بر الوالدين؟

نحن نتكلم عنها و ذلك لانتشار العقوق للأسف بين الأبناء و البنات و أكثرهم من الأبناء دون تحيز للبنات. و للأسف أيضاً فقد أصبحت ظاهرة العقوق, ظاهرة مفخرة بين البعض منهم و قد أقول القلة منهم. فعلى الرغم من أنها معصية كبيرة إلا أنهم للأسف يجاهرون بها بين أصحابهم و أقربائهم و المحبين لهم. 

أسأل الله لهم الهداية في الدنيا و أن يرزقهم بر آبائهم و أمهاتهم قبل أن يرحلوا من هذه الدنيا.

إن مسألة العقوق يا أعزائي القراء, مسألة عظيمة و واقعها جلل على المرء المسلم. فهي من الأمور المهمة التي يجب على كل إنسان واعي و عاقل أن ينتبه لها. فمن الممكن أن تكون دعوة من الأدعية التي يدعونها آخر الليل ضد هؤلاء العاقين بهم قد تتسبب بتعطيل حياتهم للأبد و قد تتسبب بانتكاستهم نحو الأسفل. و ربما يخسرون كل شيء حولهم من المال و الزوجة و الأبناء بسبب عقوقهم هذا. 

لذلك أرجو من الشخص الذي يَعِقُ والديه أن ينتبه إلى مسألة البر بهم و الاعتناء بهم مهما كانوا من أشخاص قاسيين بتصرفاتهم في بعض الأحيان أو ربما يعاملوك بصفة خالية من العاطفة. فمهما واجهت من معاملة فيجب عليك أن تبرهم و أن تخفض صوتك عند الحديث معهم. و لا تجادلهم في الأمر بل قل سمعاً و طاعة. 

لقد تحدث الكثير من البشر من علماء و مشاهير و أشخاص طبيعيين عن تجاربهم في بر الوالدين و عن أثرها على حياتهم. و أيضاً التاريخ مليء بقصص مثلها عن بر الوالدين و كيف كانوا أجدادنا في السابق يُكِنُون كل الحب و التقدير لهم. و البعض ممن تحدث في عصرنا الحالي, أخبرنا عن أن حياته ناجحة و لله الحمد و أنه يملك السعادة بين يديه و مع زوجته و أبنائه و كل ذلك بعد فضل الله عزوجل ثم بسبب برهم بوالديهم و عمل المستحيل من أجلهم. 

إذا لم تصدق ذلك, إسأل من فقد عزيزاً عليه من أب أو أم و أخبره كيف حياتك الآن؟ سوف يخبرك بكل تأكيد بأن حياته ناقصة و ليست رائعة بل ينقصها الكثير و الكثير من الجو الرائع و الحلو و يتمنى لو يوم من الأيام أن يعود أحدهم إلى الحياة حتى يستطيع أن يعود سعيداً مرة أخرى. 

الوالدين يا أعزائي القراء هم أغلى هدية في هذا الكون. هم الصوت الدافئ عندما تقع في المشاكل و هم الصوت الحنون عندما تفقد شيئاً ثميناً في حياتك مثل نقودك أو أي شيء آخر. إنهم الجنة التي تلجأ إليها إذا اشتد الكرب و اشتدت العواصف خارج منزلك و خارج حياتك. إن أمك بالتحديد هم اليد الحنونة و اللطيفة التي تمسح دمعتك بكل بلسم السعادة و الابتسامة الجميلة. وأما والدك فهو المعلم الأول لك و هو القائد الصنديد الذي يقود حياتك نحو النجاح. 

إذا كنت تقرأ هذه المقالة و أنت لم تتواصل معهم بسبب مشكلة ما, فأنا أنصحك ألا تكمل القراءة حتى تعود لكي ترفع سماعة هاتفك مرة أخرى و تعتذر منهم و تطلب السماح منهم بل يجب عليك أن تذهب لكي تُقَبِل أقدامهم و أيديهم و أن تبتسم أمامهم ابتسامة محبة و رضا و طاعة لهم. 

لا تجعل حياتك كابوساً عليك و أنت بعيد عنهم و هم يحترقون شوقاً لرؤيتك و السلام عليك و الاطمئنان بك. فمهما كنت مشغولاً في هذه الحياة و مهما سافرت إلى أقطار الأرض و ابتعدت عنهم لفترة طويلة, فعليك الرجوع فوراً إليهم و أن تحتضنهم بكل شوق و محبة. و لا تنسى أن تنحني أمامهم إنحناء تقدير و ألا ترفع مقامك أمامهم مهما حصلت من شهادات عالية و مهما بلغت من مناصب رفيعة. فلولا الله ثم والديك لم تكن موجوداً في هذه الحياة. 

نصيحتي الأخيرة لك. هي قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور و الذي دائماً نردده و لكن للأسف في بعض الأحيان نردده بشكل غير واعي و غير مدرك لكلماته العميقة. حيث قال حبيبنا صلى الله عليه و سلم "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبيك" فلا تدعهم بلا مأوى و بلا رعاية و بلا اهتمام. بل يجب عليك المبادرة قبل أخوانك و أخواتك في الاهتمام و الرعاية بهم و تقديم العناية الطبية لهم إذا لزم الأمر.

أخيراً دعواتي القلبية لمن بقي والديه أو أحد والديه على قيد الحياة بأن يطيل الله في أعمارهم و أن يحفظهم لكم من كل مكروه و أن يجعلكم أسرة مترابطة على قلب واحد و لا يفرق بينكم الشيطان. و أسأل الله تعالى أن يجمعكم بوالديكم في جنة الرحمن. و أن يبعد عنهم كل مرض و كل مكروه و كل أذية. و أسأل الله تعالى أن يجعلكم باريين بوالديكم و محبين لهم. 

Sunday, July 9, 2017

هل نحن منافقون؟

أبلغ من العمر 28 سنة,
قد يراه البعض سن الشباب و البعض يتصور أنه في سن الشيخوخة و هناك قلة من يريد أن يدافع عن نفسه و لا يكبر. 
عندما تتصرف مع الآخرين من حولك, عليك أن تنتبه إلى عمرك و إلى مستوى ثقافتك و عقلك المتزن.
و عليك ألا تبادر بقول كلمة أو المبادرة بفعل ما قبل أن تراجع نفسك 1000 مرة حتى لا يُحسب عليك هذا الفعل أو القول ضدك و تصبح بعدها مثار سخرية الجميع.
لقد واجهت خلال مرحلة المراهقة و الشباب المصغر و هي المرحلة ما بين 15 إلى 25 سنة الكثير من الصعوبات و المسئوليات و التحديات الكبرى في حياتي.
فمنها العيش خارج المنزل فترة طويلة ثم تحملي مسئولية أسرتي و كذلك تحمل مسئولية إنشاء عمارة كاملة تعود ملكيتها بالكامل لأمي.
لقد استغرق البناء فيها قرابة الست سنوات و كنت مشرفاً عليها بنسبة كبيرة مع وجود أسرتي من حولي.
المغزى من هذا القول أنني لم أتمتع بسن الشباب كما تمتع به الآخرون مثل الذهاب مع الأصدقاء لمشاهدة كرة القدم أو حضور صالات السينما أو التجمع في إحدى الاستراحات مع اللعب و تضييع الوقت. 
و لهذا فعندما وصلت إلى هذا السن (28) شعرت بأنني أريد المحافظة على ما تبقى من عمري و لا أريد أن أكبر.
بل أن أبقى مثل تلك الشخصية الطفولية الشهيرة التي لا تريد أن تكبر و هي شخصية بيتر بان.
من منا لا يعرف من هو بيتر بان؟ 
إنه الشخصية التي رافقت طفولتنا و كنا نراها شخصية كوميدية هزلية تحب روح الشباب و لا تريد أن تكبر أبداً. 
تماماً هذا ما أريد أن أتعايش معه خلال هذه الفترة و لهذا فقد كانت تصرفاتي معظمها طفولية طائشة بدون أدنى للمسئولية. 
لقد كنت أبوح بكل شيء في خاطري من أحوال سيئة أو جيدة. 
لقد كنت أبوح للعامة بحزني و فرحي و سعادتي و اكتئابي. 
لقد كنت أشكو كثيراً و أتذمر كثيراً و في نفس الوقت كنت أبحث عن حل لهذه المشاكل عند من أشكو إليه, فالمثل يقول "ما خاب من استشار". 
نعم, لقد كنت أبحث عن الاستشارة بين الناس و كنت أؤمن بمقولة أن اليد الواحدة لا تصفق فلا تستطيع أن تحدث صوتاً مدوياً مثل صوت التصفيق إذا كنت وحيداً تغرد في هذه الحياة.
إن الحياة مشاركة و خُلق الإنسان بطبعه اجتماعياً و يحب أن يبقى مع الآخرين حتى يقوموا بتوجيه النصح إليه و تحذيره بالابتعاد عن الأمور السيئة.
لكن للأسف اصطدمت بعدد من البشر ممن خالفوني هذا الرأي و قالوا لي ابحث عن الشخصية المؤثرة و كيف تكون هذه الشخصية. 
و عندما بحثت عن مكونات هذه الشخصية الذهبية, وجدتها تحتوي على العديد من الصفات من أهمها عدم الشكوى و عدم التذمر و محاولة البقاء متفائلاً لأكبر قدر ممكن و الابتعاد عن تلك الشخصية الحزينة التي ترى الحزن في كل مكان. 
فالسؤال هنا:- هل نحن منافقون؟
لماذا لا نستطيع العيش تماماً كما نعيش كل يوم؟ 
فالحياة ليست على خط مستقيم واحد. فهناك أيام يواجه فيها الإنسان حزناً كبيراً لفقد حبيب أو قريب أو أحداً من أفراد أسرته.
 لماذا يدفعنا المجتمع نحو الهاوية و الانعزال عند الشعور بالحزن و الاكتئاب و التذمر و محاولة صنع ابتسامة زائفة ليست من القلب؟ 
لماذا نستر أنفسنا و لا نظهر أمام الآخرين بكل أحوالنا؟
أنا لم أعد أفهم سبب وجود أكثر من وجه للإنسان الواحد في حياته. 
أهو بسبب المجتمع الذي يفضل جلد الذات و الانتقاد؟ أم أن لكل شخص ما يكفيه من الهموم و الأحزان و لا يرغب في سماع المزيد منها؟ 
أين تلك السنة النبوية المطهرة التي تحثنا على أن نحب لأنفسنا ما نحب لأخينا و أختنا كذلك 
إذاً, إذا كنت تحب أخيك و تتمنى له الخير, لماذا تنزعج منه لو أتاك شاكياً باكياً متذمراً من حياته؟ لماذا لا تتقبله كما هو و تحاول إصلاحه فربما إذا أصلحت شخصاً واحداً كان له شأن كبير غداً و تأثير أكبر يستطيع أن يغير أمة بكاملها. 
إذا استمر ذلك التهرب و دفع البشر للنفاق و محاولة اصطناع حياة لا يرغبونها أو لا يفضلون الظهور بها فسوف تكون النتيجة هو وجود أمة تخاف من الظهور و تهاب الشجاعة لمواجهة ما يزعجها أو يقلق منامها. 
لقد كتبت في هذه المدونة مقالة باللغة الإنجليزية و عنوانها "Strange Behavior
و مفاد هذه المقالة هو أن تكسر الروتين المجتمعي المحيط بنا و عدم التقيد بكل ما نشأنا حوله و تعودنا عليه. وبالتأكيد الابتعاد طبعاً عن أمور العقيدة فهذه مسلمات لا نستطيع الخروج عنها. 
لكن ما أريد أن أصل إليه هو فكرة تقبل الشخص كما هو. حتى لو وصل الأمر أن ينزل بملابس غريبة و شاذة إلى وسط الشارع و بين العامة.
 لماذا يعتبرون مثل هذا الشخص تافهاً و غير مسئولاً عن حياته و أنه مراهق طائش؟ لماذا لا يقولون أنه يتصرف على طبيعته و أنه متصالح مع ذاته؟ 
لماذا هناك سخرية كثيرة على هؤلاء الأشخاص و الانتقام منهم بتجريدهم من الإنسانية و اعتبارهم مسوخ متحركة 
لقد حاولت أن أبقى و أن  أتعايش بطبيعتي لكن كما أخبرتكم فهناك أشخاص محبين لي لا يرغبون بأن أظهر بكل حالاتي. بل يجب علي أن أنتقي الحالات السعيدة و الجيدة و أن أختار شخصية قوية عند التحدث مع الآخرين 
و هناك أشخاص آخرون انسحبوا من حياتي نهائياً بسبب تذمري الزائد و الشكوى المبالغة فيها و صنع دراما سوداء.
فهذا الشيء لا يفضلون أن يشاهدوني عليه بل يرغبون مني أن أظل صلباً كالصخر و أقسى من الحجارة, مبتسماً رقيقاً محباً للجميع, مع أني أخفي ألف دمعة خلف عيني و أشعر أن ظهري لم يعد يحتمل حياة الكبار الزائفة و المصطنعة. لكن السن هو من يحتم علي أن أعيش كذلك.