Saturday, August 18, 2018

الأسرة ... و طن آمن

الوطن أيضاً عبارة عن أسرة آمنة مطمئنة.
            ربما يختزل البعض الوطنية في مسار ضيق جداً و يجعلها في حدود الأرض الشاسعة من حوله و في حدود حصوله على وظيفة آمنة. لكن أيضاً الوطن هو أسرة آمنة مطمئنة تحيطك بكل أنواع الحب و الحنان.
            حين يعتقد البعض أن فقدان أمان الوطن أي فقدان الأرض و الثروات الغنية من حوله. لكن لا يشعر هذا الشخص بأنه لو فقد أسرته لا قدر الله, سيكون قد فقد أجمل وطن و أغلى وطن.
            علينا أن ندرك جميعاً أهمية التآلف الأسري و الاجتماع الأسري على طاولة واحدة. عائلة متكاملة الأطراف من أب و أم و أخوة و أخوات. تجمعهم الابتسامة و الضحكة الرائعة و كذلك المودة و الرحمة فيما بينهم. و لا سيما حين يمارس كل شخص داخل هذه العائلة دوره بالكامل.
            فالأب هو الحصن الخارجي المنيع لهذه الأسرة و هو المعيل الأول و الأخير لهم. و كذلك هو الشخص الحنون و العطوف على أفراد عائلته من الداخل و شخص قوي و ذو شخصية نافذة على من يعادي أسرته من الخارج. و الأم هي مستودع الحنان و العاطفة و احتواء المشاكل. لأن الأم تتميز بخصال الصبر و التحمل لفترة طويلة. فيكفي أنها استطاعت تحمل آلام الحمل لمدة تسعة أشهر كاملة و كذلك آلام الولادة و التربية و غيرها. و هنا نتحدث عن طفل واحد, فكيف لو أنجبت أربعة أو خمسة أفراد ما بين بنين و بنات. و لهذا فإن مهمة الأم داخل العائلة, مهمة محورية و هامة جداً و تطلب الكثير من العمل و الجهد و التعاون من الآخرين من أجل الحفاظ على تماسك الأسرة و عدم انهيارها من الداخل أو من الخارج.
            أما الأبناء فهم الدرع القوي لأخواتهم البنات. و هم أولياء العهد بعد والدهم. ولهذا فإن عليهم التعود على تحمل مسئوليات الأسرة و كذلك مسئوليات الحياة خارج المنزل من إحضار لطلبات المنزل و كذلك القيام بجميع المشاوير الضرورية لعائلتهم الكريمة.
            و أخيراً أخواتي الفتيات الرائعات و الجميلات هن أجمل ما يحتويه هذا المنزل. فمن واقع تجربة و خبرة فقد استطعت تأكيد أن وجود الفتاة في المنزل هو عامل مهم و أساسي من أجل امتصاص الطاقة السلبية من داخل المنزل و نشر أسباب الفرح و السرور داخل المنزل. بالإضافة إلى أنهن اليد المساعدة لوالدتهن في حال واجهت ظرفاً صحياً يمنعها من أداء واجبها داخل المنزل.
            إذا نستنتج من هذا التنسيق الجميل أن الأسرة الآمنة هي وطن رائع يحتوي على ورود الربيع البيضاء. و كذلك زهور الفل و الياسمين. و لا علينا أن نغيب عن أنفسنا أهمية تماسك أسرتنا و محاولة رأب أي صدع أو شرخ قد يحدث فيها. و علينا دائماً المبادرة سريعاً لوضع الحلول المعالجة و لو كانت مؤقتة لأي مشكلة تظهر على السطح سواء من الأب أو الأم أو الأبناء أو حتى الفتيات.
            على الجميع أن يستشعر مسئولية هذا الوطن و أن يحافظ على أمانه و استقراره و ألا يعبث بهدوئه أو أن يفكر في تكدير صفو هذه العائلة المطمئنة و التي تشعر بالرخاء و السعادة في جميع أوقاتها.
            و حين نقطف ثمار هذا المجهود التعاوني, حتماً سنجد أننا أمام وطن دائم لن ينهار و لو بعد مائة عام. و سنعلم قيمة هذا الوطن حين نشاهد الآخرين من حولنا و هم يتفككون من نسيجهم الأسري و يلجؤون إلى العيش بمفردهم و بمنعزل عن بقية أفراد و طنهم.
            أكاد أن أخبركم أن شتات الوطن يعني شتات الروح و هذا قد يؤدي بالشخص الواحد إلى الانهيار النفسي و المعنوي و كذلك العزلة عن الآخرين و الابتعاد عن المجتمعات الطبيعية المسالمة. و ربما يدفع بالشخص إلى الانتحار لا قدر الله لو كان ضعيف الإيمان.
            نصيحتي الأخيرة لكم بأن تحافظوا ثم تحافظوا ثم تحافظوا على أوطانكم مهما بدت أمامكم أياماً سوداء تعتقدون بداخلكم أنها لن تمر أو لن تمضي. و لكن حتماً ستمضي و سيشرق النهار من جديد.

محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
{ كاتب & محاسب }
#إبتسامة_قلم

ثم ماذا بعد ذلك؟

يركض بنا الزمن يوماً بعد يوم. و ندخل بأيامنا هذه متاهات لا نعلم ما هي النهاية فيها. لكن جل ما نملكه في قلوبنا هي ثقة قوية بأقدارنا و إيمان عميق بأن الله عزوجل لن يترك عبده وحده يصارع في هذه الحياة.
و لهذا فإننا في كل صباح حين نستيقظ من نومنا و كأشخاص مؤمنين و موحدين بأن خالق هذا الكون هو وحده من يدبر أمره, نسأله و نطلب منه أن يمنحنا يوماً سعيداً و منعشاً و لطيفاً و خفيفاً من كوراث لا تحمد عقباها.
و حين ننهض من فوق السرير ثم نتجه إلى النافذة من أجل استنشاق هواء منعش و عليل, قد ..... و في بعض الأحيان ترتسم على ملامحنا بعض لحظات الخوف من أن يكون يوماً سيئاً علينا. لكن التفاؤل و الابتسامة المشرقة هي التي ستجعل يومنا يسير كما المعتاد بدون أن تكون هناك أي مخاوف من أي شيء من حولنا.
أيضاً رؤية الأبناء و البنات أمامنا قد يحملنا بعض المسئولية و القلق عليهم و الخوف على مستقبلهم. لكن حين ترى تلك الابتسامة البريئة على وجوههم ستتأكد حينها أن كل ما تشعر به مجرد مخاوف لا أساس لها من الصحة.
و حين نباشر مهام أعمالنا اليومية المعتادة فإننا و بكل شوق و سعادة ستزداد حماستنا أكثر للعمل و لكن هناك لحظات تصيبنا مع مرور الزمن البطيء خلال ساعات العمل الطويلة تدفعنا لسؤال أنفسنا ذاك السؤال المبهم و الغريب و الغامض و الذي أعتقد من وجهة نظري أن إجابته صعبة نوعاً ما ( ثم ما ذا بعد ذلك؟ )
هذا السؤال هو ما يضعفنا أمام ذواتنا الداخلية و يجعل الخوف يتسرب إلى داخلنا رويداً رويدا. و ربما لا تشعر حتى تحين تلك اللحظة المفاجأة لتجد نفسك غارقاً في بحرٍ من الأفكار العديدة و الطرق الطويلة و كل ذلك يحدث في مخيلتك و عيناك مفتوحتان أمام مديرك و أمام الجميع. لكن للأسف لا يشعر من حولك بما أنت فيه تلك اللحظة و كمية الحمم البركانية التي تسبح فيها.
صحيح أن علينا أن نسير كما هو مقدر لنا و أنا لا أنكر ذلك لأن الإيمان بالقدر خيره و شره من أركان الإيمان الستة. لكن أيضاً التخطيط الجيد و السليم لحياتنا و وضع خطط طويلة المدى و قصيرة المدى و كذلك متوسطة المدى أمر مهم في حياة كل إنسان.
و هنا ينبع الخوف حين تنتهي من كل مهمة خططت لها سارت بالشكل السليم. تشعر حينها أن كل شيء انتهى و أنه لم يبقى لك في هذه الحياة من شيء لكي تعمله. لكن صدقني أنت تعمل في دائرتك المكتوبة و التي بكل تأكيد لا تستطيع رؤية جميع أبعادها من حولك. و أيضاً لن تغادر هذه الحياة حتى تكتمل دائرتك و جميع الأمور التي قُدرت لك منذ ولادتك حتى وفاتك. و لهذا لا تقلق من أي شيء من حولك.
لكن تساؤلي هنا حول إشباع هذه الغريزة الإنسانية التي تسمى ( الفضول ) لمعرفة المجهول و ما وراء الأبصار. كيف لنا أن نطفئ تلك النار المستعرة التي تشتعل في داخلنا حين نريد الوصول إلى نهاية كل خطة قد تم التخطيط لها و في نفس الوقت لا نريد الوصول لها حتى لا ننتقل إلى مرحلة أخرى مجهولة من حياتنا لا نعلم ما هي و ما هي تفاصيلها.
أعتقد أن إشغال النفس بشكل مستمر سيكون أمراً مرهقاً علينا حتماً و أنت تشغل نفسك و ذلك حتى لا ينشغل تفكيرك بالغد و ما سيحدث بالغد. لكن أعتقد من وجهة نظري أن إشغال النفس ليس هو الحل بل الترفيه عن النفس. فحين يكون العقل غائباً عن الوعي و منشغلاً بالترفيه, حتماً لن يشعر بضياع الوقت من حوله.
و هذه ليست دعوة صريحة مني لترك شعائرك الدينية التي تتبعها. كلا , بل عليك أن تجعل جزءاً من يومك مخصصاً لشعائرك الدينية و هي أساس حياتك و هي التي عليها ستحاسب في يوم الحساب. و أيضاً عليك القيام بجزء من خططك التي خططت لها. و اترك الباقي لترفيه نفسك و الخروج من تلك الشرنقة التي تلتف حولك كالروتين الممل ما بين العمل و المنزل و مسئوليات الأبناء و البنات.
نعم, إذا أوجدت تلك الراحة النفسية بداخلك و أن تنفذ خططك التي أردت أن تجعلها كبصمة لك في حياتك قبل رحيلك. فأنا أعتقد والله أعلم أنك لن تواجه أي مخاوف من المستقبل أو ربما من تلك الساعات القادمة بعد انتهائك من قراءة هذا المقال.
و تذكر أنه مهما تعددت المتاهات في حياتنا فحتماً سنصل إلى نقطة النهاية سواء أردنا ذلك بأنفسنا أم دفع القدر بنا إلى ذلك.


محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
كاتب & محاسب
#إبتسامة_قلم