Saturday, August 18, 2018

ثم ماذا بعد ذلك؟

يركض بنا الزمن يوماً بعد يوم. و ندخل بأيامنا هذه متاهات لا نعلم ما هي النهاية فيها. لكن جل ما نملكه في قلوبنا هي ثقة قوية بأقدارنا و إيمان عميق بأن الله عزوجل لن يترك عبده وحده يصارع في هذه الحياة.
و لهذا فإننا في كل صباح حين نستيقظ من نومنا و كأشخاص مؤمنين و موحدين بأن خالق هذا الكون هو وحده من يدبر أمره, نسأله و نطلب منه أن يمنحنا يوماً سعيداً و منعشاً و لطيفاً و خفيفاً من كوراث لا تحمد عقباها.
و حين ننهض من فوق السرير ثم نتجه إلى النافذة من أجل استنشاق هواء منعش و عليل, قد ..... و في بعض الأحيان ترتسم على ملامحنا بعض لحظات الخوف من أن يكون يوماً سيئاً علينا. لكن التفاؤل و الابتسامة المشرقة هي التي ستجعل يومنا يسير كما المعتاد بدون أن تكون هناك أي مخاوف من أي شيء من حولنا.
أيضاً رؤية الأبناء و البنات أمامنا قد يحملنا بعض المسئولية و القلق عليهم و الخوف على مستقبلهم. لكن حين ترى تلك الابتسامة البريئة على وجوههم ستتأكد حينها أن كل ما تشعر به مجرد مخاوف لا أساس لها من الصحة.
و حين نباشر مهام أعمالنا اليومية المعتادة فإننا و بكل شوق و سعادة ستزداد حماستنا أكثر للعمل و لكن هناك لحظات تصيبنا مع مرور الزمن البطيء خلال ساعات العمل الطويلة تدفعنا لسؤال أنفسنا ذاك السؤال المبهم و الغريب و الغامض و الذي أعتقد من وجهة نظري أن إجابته صعبة نوعاً ما ( ثم ما ذا بعد ذلك؟ )
هذا السؤال هو ما يضعفنا أمام ذواتنا الداخلية و يجعل الخوف يتسرب إلى داخلنا رويداً رويدا. و ربما لا تشعر حتى تحين تلك اللحظة المفاجأة لتجد نفسك غارقاً في بحرٍ من الأفكار العديدة و الطرق الطويلة و كل ذلك يحدث في مخيلتك و عيناك مفتوحتان أمام مديرك و أمام الجميع. لكن للأسف لا يشعر من حولك بما أنت فيه تلك اللحظة و كمية الحمم البركانية التي تسبح فيها.
صحيح أن علينا أن نسير كما هو مقدر لنا و أنا لا أنكر ذلك لأن الإيمان بالقدر خيره و شره من أركان الإيمان الستة. لكن أيضاً التخطيط الجيد و السليم لحياتنا و وضع خطط طويلة المدى و قصيرة المدى و كذلك متوسطة المدى أمر مهم في حياة كل إنسان.
و هنا ينبع الخوف حين تنتهي من كل مهمة خططت لها سارت بالشكل السليم. تشعر حينها أن كل شيء انتهى و أنه لم يبقى لك في هذه الحياة من شيء لكي تعمله. لكن صدقني أنت تعمل في دائرتك المكتوبة و التي بكل تأكيد لا تستطيع رؤية جميع أبعادها من حولك. و أيضاً لن تغادر هذه الحياة حتى تكتمل دائرتك و جميع الأمور التي قُدرت لك منذ ولادتك حتى وفاتك. و لهذا لا تقلق من أي شيء من حولك.
لكن تساؤلي هنا حول إشباع هذه الغريزة الإنسانية التي تسمى ( الفضول ) لمعرفة المجهول و ما وراء الأبصار. كيف لنا أن نطفئ تلك النار المستعرة التي تشتعل في داخلنا حين نريد الوصول إلى نهاية كل خطة قد تم التخطيط لها و في نفس الوقت لا نريد الوصول لها حتى لا ننتقل إلى مرحلة أخرى مجهولة من حياتنا لا نعلم ما هي و ما هي تفاصيلها.
أعتقد أن إشغال النفس بشكل مستمر سيكون أمراً مرهقاً علينا حتماً و أنت تشغل نفسك و ذلك حتى لا ينشغل تفكيرك بالغد و ما سيحدث بالغد. لكن أعتقد من وجهة نظري أن إشغال النفس ليس هو الحل بل الترفيه عن النفس. فحين يكون العقل غائباً عن الوعي و منشغلاً بالترفيه, حتماً لن يشعر بضياع الوقت من حوله.
و هذه ليست دعوة صريحة مني لترك شعائرك الدينية التي تتبعها. كلا , بل عليك أن تجعل جزءاً من يومك مخصصاً لشعائرك الدينية و هي أساس حياتك و هي التي عليها ستحاسب في يوم الحساب. و أيضاً عليك القيام بجزء من خططك التي خططت لها. و اترك الباقي لترفيه نفسك و الخروج من تلك الشرنقة التي تلتف حولك كالروتين الممل ما بين العمل و المنزل و مسئوليات الأبناء و البنات.
نعم, إذا أوجدت تلك الراحة النفسية بداخلك و أن تنفذ خططك التي أردت أن تجعلها كبصمة لك في حياتك قبل رحيلك. فأنا أعتقد والله أعلم أنك لن تواجه أي مخاوف من المستقبل أو ربما من تلك الساعات القادمة بعد انتهائك من قراءة هذا المقال.
و تذكر أنه مهما تعددت المتاهات في حياتنا فحتماً سنصل إلى نقطة النهاية سواء أردنا ذلك بأنفسنا أم دفع القدر بنا إلى ذلك.


محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
كاتب & محاسب
#إبتسامة_قلم

No comments:

Post a Comment