Monday, March 26, 2018

بين لحظات الفشل و لحظات النجاح معزوفة جميلة

            إن الإنسان الطبيعي في كافة أصقاع هذه الكرة المستديرة لابد أن يمر بتجارب كثيرة في حياته. تجارب ناجحة, تجارب فاشلة, تجارب لأجل التجربة, و غيرها من التجارب التي تؤدي إلى مخاضة رائعة و هي خلاصة حياة جميلة يشعر بالأمان بعدها أو بالأصح, يشعر بالسلام الداخلي حين يبلغ من العمر عتيا.
            لكن هل على الإنسان أن يمر مرور الكرام على كل تجربة تأتي في حياته, أم يجعلها مدرسة مهمة له؟ يتعلم منها و يأخذ الدروس و العبر منها أم يجعلها صفحة من صفحات حياته التي يقلبها إلى الصفحة التالية تماماً كما القارئ الذي يقرأ فصلاً كاملاً في إحدى الكتب وينتهي من قراءة هذا الفصل لكن للأسف لم يعي ما قرأه خلال الزمن الماضي.
            إن المشكلة التي تواجه الإنسان ليست في مواجهة هذه التجارب أو الانتقال من تجربة إلى أخرى. لكن المشكلة الأهم لدى أي إنسان هو التقدير لذاته و توجيه كلمات الشكر و الامتنان لنفسه بعد الانتهاء من كل تجربة سواء كانت ناجحة أم فاشلة. و السبب في ذلك هو تكوين رصيد هائل في مكتبة الذاكرة الداخلية من تجارب لا تنسى على مر الزمان حتى يستطيع روايتها و الحديث عنها للأجيال التي تأتي من بعده و تستفيد من تجارب الإنسان و قصصه.
            نعم, إن توجيه كلمات الشكر و التقدير مهمة جداً فهي محفز داخلي و مشجع قوي للانتقال إلى تجربة أخرى مع وضع التجربة الأولى التي كان يمر بها في مكان مميز بذاكرته و لا يمكن بحال من الأحوال نسيانه. و إن كانت تجربة فاشلة فالأهم بعد توجيه كلمات الشكر هو معرفة مكامن الخلل التي أدت إلى فشل هذه التجربة.
            إن هذا التناغم في الانتقال بين التجارب المتعددة و الزهو بالنفس بشكل رائع و الشعور الجميل بالفخر و التقدير على تجاوز أي تجربة من التجارب, يشبه إلى حد كبير تلاوة معزوفة موسيقية متعددة الأنغام ما بين الأوتار العالية و الأوتار المنخفضة. معزوفة تستطيع سماع صوتها في أذنك الداخلية قبل أذنك الخارجية. و لهذا فإن كل تجربة يحسبها الإنسان لنفسه أنها تجربة لن تمر مرور الكرام فإنها تجربة تستحق و بكل فخر أن تروى و لا يهم مقدار الفشل أو النجاح أو حتى الإنجاز العظيم الذي حدث لهذه التجربة.
            لذلك فإن أي شخص يريد أن يشعر بحياته كدفتر مغامرات يقوم بقراءته أي طفل في الروضة أو كأي قصة خيالية من قصص أفلام الكرتون فعليه تلاوة هذه المعزوفات و الأنغام الموسيقية في كل تجربة يتخطاها و أن يمنح لنفسه السلام و الأمان و عدم الخوف أو الرهبة حتى لو كان نجاح التجربة مدوياً و وصل إلى كافة أصقاع الكرة الأرضية.
            فالإنسان بطبعه طموح و مقدام و يحب المغامرات إلا إذا تعرض لخيبات أمل كثيرة فهنا عليه مضاعفة مجهوداته التي يقدمها في حياته و ألا يجعل لأي خيبة أمل أو كسرة قلب أن تدمره أو تحطمه. بل عليه أن يشعر بذاته و أن يقدر نفسه و أن نفسه ذاتها تستحق الاحترام و التقدير مهما كانت حياته سيئة.
            و لهذا فإن خلاصة حديثي هو الاستمرار في التجارب، تجربة تلو تجربة حتى تصل إلى مرحلة من العمر ترغب فيها بالشعور بالراحة و الأمان و السلام الداخلي. و عليك دائماً أن تغني لنفسك أعذب الألحان و أجمل الموسيقى من كلمات شكر رنانة و كلمات مديح تحمر بها وجنة الخجل. و على الإنسان ألا يقف مكتوف اليدين عند أي تجربة لم يستطع تجاوزها لأن الله عزوجل لا يكلف نفساً إلا وسعها. و لهذا فإن الإنسان مجبول بطبعه على تجاوز معظم الصعاب في حياته.

محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
{ كاتب & محاسب }
#إبتسامة_قلم

Tuesday, March 6, 2018

أنت في نعمة عظيمة

                نعم, أنت في نعمة عظيمة و رائعة حين تستشعر الحياة من حولك و هي تحاول أن تقدم لك أفضل ما لديها و أجمل ما لديها. على الرغم من الحزن الفظيع الذي ينتابنا في أول لحظة انكسار و خيبة أمل لكن مع ذلك فإن التمسك ببسمة الحياة و الرضا و القناعة بما تملك بين يديك هي أعظم نعمة تستطيع بها التعايش مع ذاتك و مع روحك في كل يوم تعيشه.
                أنا لا أقول لك أن تصبح ملاكاً أو شخصاً رائعاً بلا أخطاء. لكن حاول ألا تجعل ذلك الضجيج المزعج و الأنين المؤلم بالفقد و الخسارة تكوي قلبك المسكين و أن تحول بينه و بين السعادة و لذة الحياة الجميلة. أنت في نعم عظيمة و إن كان لديك شيئاً ناقصاً في حياتك. و إن كان هذا الشيء هو أغلى و أعظم ما تتمناه في حياتك. إلا أن خفض هذا الضجيج و دفعه إلى الداخل مع وضعه طي الكتمان و في حالة سليمة بعيداً عن الانفجار المستقبلي تحت أي ظرف و تحت أي مجهود, سيكون له أثر رائع في أن تتنفس أزهار الربيع كل يوم في حياتك.
                و لهذا فمن حكمة الله عزوجل أن خلقنا بشراً ناقصين لأننا لن نشعر بالراحة و النعيم الأبدي سوى في جنة عرضها السموات و الأرض. و أما هذه الحياة فالتعايش السلمي معها هو في أفضل و أنجح حل يمكنك من رؤية كل جميل في كل شيء من حولك و الابتسامة بشكل رائع و مبهج تجعل أعدائك يحتارون في الطريقة التي يريدون من خلالها أن يحبطوا معنوياتك أو أن تستسلم لذلك الشيء الناقص في حياتك حتى تشعر بالعجز الكامل و أنك عبارة عن قطعة اسفنج بالية في هذه الحياة لا فائدة منها.
                إن إصرارك الجميل على تعداد نعمك اليومية و التي من أهمها نعمة المشي بكل سلاسة و التنفس بكل راحة و الاستيقاظ صباحاً بلا ألم أو أدوية مسكنة هي واحدة من نِعم عديدة و هبها لك الله عزوجل من دون أن تسأله إياها أو حتى تطلبها منه. و هنا يجب عليك الشعور بمسئولية تجاه ما تملك و أن تؤدي واجب الحمد و الشكر كل يوم عبر الصلاة خمس مرات في اليوم و المحافظة على صلاة الجمعة و رفع يديك بالدعاء كل يوم شكراً لله عزوجل على هذه النعم.
                أنا لا أقول أن الأشخاص الآخرين الذين فقدوا هذه النعم و هم الآن على أسرة المرض في داخل المستشفيات لا يمكنهم أن يؤدوا واجب الشكر. بل من المهم و الأهم لهؤلاء الأشخاص أن يؤدوا واجباً آخر و هو واجب القناعة و الرضا. و ذلك لأن الله عزوجل إذا أحب عبداً ابتلاه حتى يسمع أنين دعائه كل يوم بعد منتصف الليل و هو يرفع يديه راجياً و خاشعاً و خاضعاً لمن أوجده في هذه الحياة البسيطة.
                جل ما أريده في هذه المقالة البسيطة هو تعداد النعم من حولك قبل أن تعد مصائبك حتى ترى الفرق الهائل بينك و بين من هم أقل منك درجة. مع أني لا أؤمن بتاتاً بوجود اختلافات بين طبقات البشر لأننا مخلوقون سواسية بدون اختلاف. لكن الله عزوجل و لحكمة يعلمها ميز كل إنسان بميزة حتى تجعله مختلفاً عن الآخر. حتى و إن كانت هذه الميزة هي نقص في جسده أو في حياته لكن تظل أنها ميزة فيه و عليه أن يستغلها لصالحه أجمل استغلال بدلاً من التذمر و التضجر من حياته كل يوم
                تمنياتي للجميع أن يعيش حياة مليئة بالسلام و السعادة و الرضا و القناعة بكل شيء جميل من حوله و ألا يكدر صفو حياته أي شيء يرغبه في هذه الحياة و لا يستطيع الحصول أو الوصول إليه.

محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
{ كاتب & محاسب }
#إبتسامة_قلم