Sunday, July 9, 2017

هل نحن منافقون؟

أبلغ من العمر 28 سنة,
قد يراه البعض سن الشباب و البعض يتصور أنه في سن الشيخوخة و هناك قلة من يريد أن يدافع عن نفسه و لا يكبر. 
عندما تتصرف مع الآخرين من حولك, عليك أن تنتبه إلى عمرك و إلى مستوى ثقافتك و عقلك المتزن.
و عليك ألا تبادر بقول كلمة أو المبادرة بفعل ما قبل أن تراجع نفسك 1000 مرة حتى لا يُحسب عليك هذا الفعل أو القول ضدك و تصبح بعدها مثار سخرية الجميع.
لقد واجهت خلال مرحلة المراهقة و الشباب المصغر و هي المرحلة ما بين 15 إلى 25 سنة الكثير من الصعوبات و المسئوليات و التحديات الكبرى في حياتي.
فمنها العيش خارج المنزل فترة طويلة ثم تحملي مسئولية أسرتي و كذلك تحمل مسئولية إنشاء عمارة كاملة تعود ملكيتها بالكامل لأمي.
لقد استغرق البناء فيها قرابة الست سنوات و كنت مشرفاً عليها بنسبة كبيرة مع وجود أسرتي من حولي.
المغزى من هذا القول أنني لم أتمتع بسن الشباب كما تمتع به الآخرون مثل الذهاب مع الأصدقاء لمشاهدة كرة القدم أو حضور صالات السينما أو التجمع في إحدى الاستراحات مع اللعب و تضييع الوقت. 
و لهذا فعندما وصلت إلى هذا السن (28) شعرت بأنني أريد المحافظة على ما تبقى من عمري و لا أريد أن أكبر.
بل أن أبقى مثل تلك الشخصية الطفولية الشهيرة التي لا تريد أن تكبر و هي شخصية بيتر بان.
من منا لا يعرف من هو بيتر بان؟ 
إنه الشخصية التي رافقت طفولتنا و كنا نراها شخصية كوميدية هزلية تحب روح الشباب و لا تريد أن تكبر أبداً. 
تماماً هذا ما أريد أن أتعايش معه خلال هذه الفترة و لهذا فقد كانت تصرفاتي معظمها طفولية طائشة بدون أدنى للمسئولية. 
لقد كنت أبوح بكل شيء في خاطري من أحوال سيئة أو جيدة. 
لقد كنت أبوح للعامة بحزني و فرحي و سعادتي و اكتئابي. 
لقد كنت أشكو كثيراً و أتذمر كثيراً و في نفس الوقت كنت أبحث عن حل لهذه المشاكل عند من أشكو إليه, فالمثل يقول "ما خاب من استشار". 
نعم, لقد كنت أبحث عن الاستشارة بين الناس و كنت أؤمن بمقولة أن اليد الواحدة لا تصفق فلا تستطيع أن تحدث صوتاً مدوياً مثل صوت التصفيق إذا كنت وحيداً تغرد في هذه الحياة.
إن الحياة مشاركة و خُلق الإنسان بطبعه اجتماعياً و يحب أن يبقى مع الآخرين حتى يقوموا بتوجيه النصح إليه و تحذيره بالابتعاد عن الأمور السيئة.
لكن للأسف اصطدمت بعدد من البشر ممن خالفوني هذا الرأي و قالوا لي ابحث عن الشخصية المؤثرة و كيف تكون هذه الشخصية. 
و عندما بحثت عن مكونات هذه الشخصية الذهبية, وجدتها تحتوي على العديد من الصفات من أهمها عدم الشكوى و عدم التذمر و محاولة البقاء متفائلاً لأكبر قدر ممكن و الابتعاد عن تلك الشخصية الحزينة التي ترى الحزن في كل مكان. 
فالسؤال هنا:- هل نحن منافقون؟
لماذا لا نستطيع العيش تماماً كما نعيش كل يوم؟ 
فالحياة ليست على خط مستقيم واحد. فهناك أيام يواجه فيها الإنسان حزناً كبيراً لفقد حبيب أو قريب أو أحداً من أفراد أسرته.
 لماذا يدفعنا المجتمع نحو الهاوية و الانعزال عند الشعور بالحزن و الاكتئاب و التذمر و محاولة صنع ابتسامة زائفة ليست من القلب؟ 
لماذا نستر أنفسنا و لا نظهر أمام الآخرين بكل أحوالنا؟
أنا لم أعد أفهم سبب وجود أكثر من وجه للإنسان الواحد في حياته. 
أهو بسبب المجتمع الذي يفضل جلد الذات و الانتقاد؟ أم أن لكل شخص ما يكفيه من الهموم و الأحزان و لا يرغب في سماع المزيد منها؟ 
أين تلك السنة النبوية المطهرة التي تحثنا على أن نحب لأنفسنا ما نحب لأخينا و أختنا كذلك 
إذاً, إذا كنت تحب أخيك و تتمنى له الخير, لماذا تنزعج منه لو أتاك شاكياً باكياً متذمراً من حياته؟ لماذا لا تتقبله كما هو و تحاول إصلاحه فربما إذا أصلحت شخصاً واحداً كان له شأن كبير غداً و تأثير أكبر يستطيع أن يغير أمة بكاملها. 
إذا استمر ذلك التهرب و دفع البشر للنفاق و محاولة اصطناع حياة لا يرغبونها أو لا يفضلون الظهور بها فسوف تكون النتيجة هو وجود أمة تخاف من الظهور و تهاب الشجاعة لمواجهة ما يزعجها أو يقلق منامها. 
لقد كتبت في هذه المدونة مقالة باللغة الإنجليزية و عنوانها "Strange Behavior
و مفاد هذه المقالة هو أن تكسر الروتين المجتمعي المحيط بنا و عدم التقيد بكل ما نشأنا حوله و تعودنا عليه. وبالتأكيد الابتعاد طبعاً عن أمور العقيدة فهذه مسلمات لا نستطيع الخروج عنها. 
لكن ما أريد أن أصل إليه هو فكرة تقبل الشخص كما هو. حتى لو وصل الأمر أن ينزل بملابس غريبة و شاذة إلى وسط الشارع و بين العامة.
 لماذا يعتبرون مثل هذا الشخص تافهاً و غير مسئولاً عن حياته و أنه مراهق طائش؟ لماذا لا يقولون أنه يتصرف على طبيعته و أنه متصالح مع ذاته؟ 
لماذا هناك سخرية كثيرة على هؤلاء الأشخاص و الانتقام منهم بتجريدهم من الإنسانية و اعتبارهم مسوخ متحركة 
لقد حاولت أن أبقى و أن  أتعايش بطبيعتي لكن كما أخبرتكم فهناك أشخاص محبين لي لا يرغبون بأن أظهر بكل حالاتي. بل يجب علي أن أنتقي الحالات السعيدة و الجيدة و أن أختار شخصية قوية عند التحدث مع الآخرين 
و هناك أشخاص آخرون انسحبوا من حياتي نهائياً بسبب تذمري الزائد و الشكوى المبالغة فيها و صنع دراما سوداء.
فهذا الشيء لا يفضلون أن يشاهدوني عليه بل يرغبون مني أن أظل صلباً كالصخر و أقسى من الحجارة, مبتسماً رقيقاً محباً للجميع, مع أني أخفي ألف دمعة خلف عيني و أشعر أن ظهري لم يعد يحتمل حياة الكبار الزائفة و المصطنعة. لكن السن هو من يحتم علي أن أعيش كذلك. 

No comments:

Post a Comment