Sunday, June 7, 2020

علبة الصابون السائل

ذات مساء وبعد أن فرغت من تناول طعام العشاء، اتجهت إلى المغسلة كي أغسل يدي. لكن حين هممت استخدام علبة الصابون السائل حتى أضع القليل من هذا الصابون على يدي، توقفت لبرهة وجلست أتأمل هذه العلبة كثيراً حتى خرجت بهذا النص.

إن المغزى من استخدام علبة الصابون السائل في التعبير عما أريد الحديث عنه اليوم هو وجه المقارنة ما بين البداية والنهاية في كل شيء من حولنا بما فيها هذا الصابون السائل.

وكيف هي فرحة البداية حين تنتهي من ملء هذه العلبة بالصابون السائل وكيف نحزن حين تنتهي هذه العلبة وتصبح فارغة بعد أن تم استخدامها.

كذلك الأشياء من حولنا، نفرح في بداياتها وأول أيام استخدامها ثم نتحول تدريجياً إلى حالة حزن بسبب قرب الانتهاء من هذا الشيء حتى يصبح فارغاً تماماً على أمل أن يعاد التعبئة من جديد.

وأكاد أقيس الشيء ذاته مع علاقاتنا وصداقاتنا والأمور المرتبطة بمشاعرنا وأحاسيسنا، ما بين حالة فرح شديدة عند بداية الاستخدام وتعبئة الذات بمشاعر الفرح والبهجة. ثم التحول التدريجي رويداً رويداً مع مرور الأيام حتى تصبح هذه العلاقات فاترة وباردة من أي مشاعر أو أحاسيس إلى أن تصل إلى مرحلة الفراغ التام.

وخلال هذه اللحظات التي كنت أتأمل فيها علبة الصابون السائل، كانت الذاكرة تعود بي إلى الماضي قليلاً قليلا لكي تسترجع مواقف حقيقية وعلاقات واقعية كان التسلسل فيها مشابه تماماً لما وصفته بالأعلى حول هذه العلبة وعلاقتها بالصابون السائل.

وقد تأكدت تماماً من هذه المشاعر وأنها مشاعر حقيقية تبدأ معي في بدايتها برسم ملامح براقة وصور جميلة حول كيف ستكون هذه العلاقة الجديدة أو لنقل الصداقة الجديدة. ثم أترك الباقي للأيام حتى تضع كلمتها المفصلية بالاستمرار أو التوقف. وقد كان الجواب في بعض الأحيان هو مبادرة الطرف الآخر بملء هذه العلاقة بمشاعر جديدة ومتجددة وفي بعض الأحيان كان الطرف الآخر لا يرغب في الاستمرار أو إضافة أي شيء جديد يدعو ويدفع هذه العلاقة للاستمرار.

ولو بحثت بنفسك عن أشياء مشابهة ستجد هناك أمثلة عديدة وواقعية في حياتنا مثل المولود الجديد حين يأتي في حياتنا ثم يكبر حتى يصبح شاباً مفتول العضلات ومن بعدها إما أن يعيد تعبئة مشاعر الفرحة والبهجة إلى والديه أو أن تنقطع العلاقة بينهما ويصبح كل طرف في طريق بمفرده

وأيضاً هناك علاقة الزواج التي تبدأ بملء الحياة بمشاعر الفرح في ليلة الزفاف ومن بعدها يكون الأمر معتمداً على كلا الطرفين لكي يحددوا مصير التعبئة من جديد أو الانتهاء والفراغ من كل شيء على أن يصبح الطلاق هو المصير المحتوم لهذه العلاقة.

لقد تعلمت من تأملي لهذه العلبة دورة مهمة في حياتنا نكاد لا نشعر بها يومياً إما بسبب التعود عليها وهذا نوعٌ من أنواع التعود على النعم -والعياذ بالله- أو بسبب عدم اللامبالاة والاكتراث لما يدور من حولنا.

في الختام دعوني أخبركم عن الذي حدث بعد استخدامي لهذا الصابون السائل. لقد غسلت يدي وذاب هذا الصابون في يدي ثم اختفى.

كذلك ما يحدث في حياتنا إن لم نهتم به أو أن نراعي مشاعره فإنه سيختفي مع الزمن حتى وإن لم نشجع الطرف الآخر على الاستمرار في هذه العلاقة. لأن للزمن دائماً كلمته النهائية في كل شيء

 

 

محبكم

#أحمد_حسين_فلمبان

كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم

No comments:

Post a Comment