Saturday, August 26, 2017

قاتل ... إما أن تنتصر أو أن تهزم

            قاتل ... إما أن تنتصر أو أن تهزم. كلمات تبعث في داخلك حافز القتال و الجهاد نحو الانتصار في ميادين الحياة.
و هذه الميادين كثيرة و متشعبة و كل شخص منا يقاتل في الجبهة التي أمامه فمنهم من يقاتل في سبيل إيجاد لقمة العيش لأبنائه و منهم من يقاتل من أجل بر والديه و الرعاية بهم و الاهتمام بهم. و هناك من يقاتل في شبابه من أجل تكوين نفسه و بناء أسرته الجديدة و احتواء أبناءه الجدد.
            لكن هناك فئة من البشر من تقاتل وحشاً فتاكاً لا رحمة فيه و هم محاربي السرطان الذي يرسمون البسمة على شفاه الجميع بالرغم من ألمهم بسبب العلاج و بالرغم من وجودهم في مكان واحد ألا وهو غرفة المستشفى. تلك الغرفة الكئيبة التي لا تسمع فيها سوى أصوات الأجهزة و انذاراتها التي تصدر بين فترة و أخرى. و كل ما يملكونه في تلك اللحظة هو الدعاء فقط و التعلق بالله عزوجل مهما كانت ظروفهم و مهما كانت حالتهم الصحية سيئة أو متدهورة. لكنهم يقاتلون بشراسة و يصبرون رغم الدمع و الألم و أوجاع نيران العلاج الكيماوي.
            إن أملهم في هذه الحياة هو البقاء و التعايش مع الآخرين كبقية البشر و أيضاً الانتصار على هذا المرض المعروف بالسرطان مهما كان نوعه أو درجة خطورته. و يحاولون جاهدين التماسك بكل ذرات الأمل المتناثرة حولهم. على الرغم من أنهم يواجهون سخرية البعض من البشر إلا أن الله سبحانه و تعالى إذا أخذ من عبده شيئاً عوضه بشيء آخر و قد أعطاهم الله عزوجل و منحهم قدرة الصبر الجميلة التي يستطيعون من خلالها تجاوز كل الآلام و الصعاب و المشاق خلال رحلتهم الطويلة لقتال هذا المرض
            إن عنوانهم الأبرز في هذا الميدان هي كلمتين فقط "أكون أو لا أكون" و بالطبع فمع ثقتهم العالية بالله عزوجل و أملهم الكبير بالشفاء فسوف تكون الإجابة الوحيدة التي سوف يرددونها هي "نعم سوف أكون ولن أقبل أدنى من ذلك أبداً". لسان حالهم يمتلأ دائماً بذكر الله عزوجل و الدعاء له من أجل أن يعينهم على هذه المعركة الطويلة و الرفض القاطع لأي نقطة استسلام أو تراجع عن القتال في هذا الميدان
            إن حديثي هذا ليس بمعنى رفض القضاء و القدر و لكن الله عزوجل أمرنا بالسعي في هذه الأرض مهما كانت ظروفنا و مهما كانت أحوالنا. علينا فقط أن نتوكل على الله عزوجل ثم ننطلق مواجهين هذه الحياة بكل أمورها و بكل أحوالها و ألا نخاف أو نجزع من أي أمر يطرأ في حياتنا قد يقلبها إلى وضع أسوأ. فبالإيمان بالله عزوجل و الرضا بقضاءه و قدره, نستطيع التعايش في هذه الأرض و أن نتقبل كل أمر يحدث فيها مهما كان و مهما بلغت درجة خطورته.
            و لذلك فإن محاربي السرطان يحملون رسالة سامية و رسالة خالدة لجميع الأجيال من بعدهم و ذلك بأن يتذكرهم الجميع بأنهم كانوا أبطالاً يوماً من الأيام. و قاتلوا بشرف و لم يستسلموا أبداً أو أن يتراجعوا للخلف خطوة واحدة. و أن قلوبهم لم تكن تحمل بداخلها سوى المحبة و السعادة و الأمل و الإيجابية و الرغبة في نشر السلام حول العالم بالرغم من ظروفهم الصحية الصعبة.
            إن هؤلاء الأبطال يستحقون دائماً الإشادة بهم و التقدير لهم و ذلك لأنهم لم يعتزلوا الحياة أو أنهم اكتفوا بأنفسهم و حسب. بل كانوا يزرعون الأمل و الإيجابية في حياة الآخرين حتى لو كانوا أصحاء. و لهذا لم يتملكهم غريزة الأنانية أو دافع حب النفس فقط. بل جعلوا حياة الآخرين و حبهم لهم في نصب أعينهم و حاولوا جاهدين و بكل الوسائل التي يملكوها أن يزرعوا ابتسامة عريضة على وجه كل شخص محب و كل شخص متابع لقصة حياتهم و قتالهم الطويل مع المرض
            على سبيل المثال فأنا أتابع عدداً من محاربي السرطان و من خلالهم أشاهد كيف أن حياتهم طبيعية و بسيطة و لا تحمل أي طابع التكلف أو التكبر على الآخرين. بل كانوا دائماً مبتسمين و متجاهلين ما بهم من آلام و يهمهم في المقام الأول إسعاد الآخرين و رسم البسمة على شفاههم. و كنت أتابع حياتهم بصمت و أشاهد بشكل دقيق الكلمات التي يكتبوها و التي يعبرون من خلالها عن مشاعرهم و التي لم تكن سوى مشاعر إيجابية و طاقة متفجرة من الأمل و الانطلاق نحو الحياة.

            رسالتي الأخيرة هي الالتفات لهذه الفئة من البشر و الاهتمام بهم و الرعاية بهم. فهؤلاء يحتاجون لدعمكم و ملء طاقاتهم بكمية عالية من الإيجابية و التحفيز الملهم تماماً كما كانوا يهتمون بكم و يحفزوكم و يحاولون جاهدين ألا يكسروا ابتسامتهم تحت ظروف الألم و العلاج داخل المستشفى

محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
#إبتسامة_قلم 

No comments:

Post a Comment