Tuesday, January 15, 2019

للأسف أنا سالب للحياة


يكاد الحزن يتفجر مني كينابيع ساخنة وحمم متفجرة تصيب كل من حولي باليأس والإحباط والسلبية العظيمة تجاه الحياة، الكون، وجميع من يسيرون حولي.
لا أستغرب حين ينعتني الجميع بالسلبية ويصفوني بأنني السالب الأكبر لكل ابتسامة ولكل ضحكة عفوية تصدر من حولي.
يعيرونني بأنني المبدع الأول والأوحد على هذه الحياة في نشر ثقافة السلبية والإحباط وربما تحطيم قلوب الآخرين.
وحين أدخل إلى مقر عملي صباحاً أسمعهم يتمتمون فيما بينهم بأن السالب الكبير للحياة قد وصل. ذلك من أجل الابتعاد عن بدء يومهم الجديد في حضرة وجودي.
لكن ما الذي أدى إلى كل هذا حتى أجعل الجميع من حولي يخشونني وينفرون من الجلوس معي ويضعونني في حياتهم كرمز خالد للسلبية والإحباط والفشل؟
ببساطة ... هو خسارتي قبل ثلاثة أعوام من الحصول على منصب الرئيس التنفيذي في الشركة التي أعمل بها.
وكنت قبلها مثالاً جيداً للشخص الإيجابي والمحفز لمن حوله.
أيضاً كنت حينها متفوقاً بين أقراني الزملاء العاملين معي بنفس المكتب.
ومن وقتها تحولت حياتي إلى سلبية شديدة للغاية مع نظرة تشاؤمية للمستقبل وأن الأمل في أن أكون ذلك القائد العظيم والذي لطالما حلمت به قد انتهى وتبخر.
 فأصبحت أصب ذاك الكلام الهزيم في أذن من حولي كالرصاص المصهور والذي يؤدي إلى تسمم المشاعر وإصابتها في مقتل.
لقد كنت أُشعر من حولي أنهم فاقدون لهوياتهم ولا يملكون طموحاً في هذه الحياة وعليهم التخلص مما يملكونه بين أيديهم.
وهكذا ... توالت الايام وأصبح حديثي مع من يعملون معي بنفس المكان أشبه بالتنويم المغناطيسي والذي حتماً أثر وبقوة في أدائهم الوظيفي. مما دفع بإدارة الشركة إلى تسريح بعضهم. ولم يكونوا يعلمون حينها عن ذلك المصدر الذي تسبب في كل هذه الفوضى داخل قلب الشركة النابض على قلب واحد.
وبالتأكيد ... فقد أفشى أحدهم عني وعن محاضراتي التي كانت تقتل الإنسان حيا وهو يعيش على أرض هذه الحياة.
لقد كان في نظري أشبه بذلك الشخص الذي أخبر اليهود عن اجتماع المسيح عيسى عليه السلام باثنى عشر فرداً من تلاميذه المؤمنين به. وهذا بلا شك دفع الغرب بأن يضعوا الرقم ثلاثة عشر كرقم مميز للشؤم والأخبار التعيسة.
أيضاً وبعد أن قمت بالتحقق من الأمر، وجدت أن هذا الشخص لم يكن يتمنى لي أن أفوز بذلك المنصب الذي خسرته قبل ثلاث سنوات.
إذاً من السالب الحقيقي هنا؟
هل باعترافي هذا أنني سلبي للغاية وأنا أكره هذه الحقيقة التي وُصمت بها، أم بهذا الشخص الذي يتلذذ بتخريب العلاقات بين البشر ويملأ قلبه الحقد والأنانية تجاهي؟

وبعد أن أخذت تنهيدة قصيرة أمامك وحنيت رأسي للأمام جراء ما عملته يداي ولا أعلم من الملام هنا، تغيرت ملامح وجهي فجأة إلى ذلك الوجه المضحك والسعيد وأنت تنظر لي بكل استغراب وتسأل: ماذا حدث لك يا هذا؟ أجننت أم أن خطباً ما أصاب هذا الكمبيوتر الذي يعمل داخل هذه العظمة المكورة؟
كلا يا صديقي، لكن جل ما في الأمر أنني وصلت إلى أقسى مراحل الإحباط واليأس في هذه الحياة إلى درجة لم أستطع التفريق بين الصحيح والخطأ.
أصبحت لا أعلم لماذا هذا التحول العظيم الذي حدث لي وأصبحت وصمة عار كبيرة بين البشرية وتمثال مميز في عالم السلبية.
أصبحت يا صديقي أشعر أن يداي هاتين تسببت في جريمة عظيمة بحق أصدقائي الذين قامت الشركة بتسريحهم من هنا.
كل هذا من أجل ماذا يا صديقي؟ من أجل كرسيِ يدور!!!
حقاً ما أسخفني وما أتفه أمنياتي.

لقد حاولت أن أهون على هذا المهرج والذي يدعي أنه سالب للحياة ولكن أعتقد أن المصحة العقلية للأمراض النفسية أصبحت مكاناً ملائماً له بلا منازع.
لقد أصبح يثرثر كثيراً من دون أن أصل معه إلى فائدة من حديثه هذا معي.
لكن أتعلم يا عزيزي القارئ ما الذي فعلت به؟
فقط قمت من مكاني وتركته يهذي بين الضحك والبكاء. لأن ما كان يسعى إليه وهو منصب الرئيس التنفيذي لم يكن بحسن نية
بل كان لأنه يريد نفوذاً أكبر داخل الشركة ولأنه يريد الانتقام من بعض الأشخاص داخل الشركة لخلافات قديمة جداً تعود إلى الماضي السحيق ولا داعي لذكرها هنا.
لكن الله عزوجل كان أعلم بنيته منذ البداية ولهذا لم يحقق له هذه الرغبة ولم ينل هذا المنصب حتى لا يسحق الضعفاء من تحته.
على الرغم من أن هذيانه وصل إلى أشده وأنه لم يعد يعي أين هو الآن وجل ما يكرره في حياته هي جملة أنا السالب لهذه الحياة.

هل ترون الآن ما هي قيمة من يملك نوايا الشر بداخله ويطمح بكل ما أوتي من قوة أن يدمر من حوله ولا يعفو أو يصفح عنهم.
إن الشيطان انتصر هنا وبكل أسف على روح هذا المسكين بعد أن غذى عقله وروحه بكلامٍ فاسد لا معنى له وكان ينفخه كالبالون حتى زاد الهواء بداخله ثم انفجر.

إن هذه القصة البسيطة التي رواها لي صديقي وإن بدا لكم في بداية حديثه أنه كالحمل الوديع، ليست إلا مجرد قصة بسيطة من قصص عديدة تدور من حولنا وهي تحمل ألواناً وأصنافاً من الغدر مما يجعل إبليس بحد ذاته يتعلم على أيديهم.
ولا تحاولوا إقناعي أن هذا السالب للحياة يريد أن يجعل حياة من حوله إيجابية، بل كان شيطاناً رجيماً على هيئة بشر.
أرجوكم اقرأوا من حولكم قراءة جيدة وتعرفوا على نواياهم وما ذا يخبئون بداخل قلوبهم تجاهكم حتى لا يصيبكم مثل ما أصاب صديقنا المسكين الذي فقد عقله تماماً ولا يعلم ما الذي يهذي به.

وأعتقد أنكم غاضبون للغاية لأن الحوار كان سلبياً في البداية ولا يشجع أبداً على إكماله حتى النهاية لكن أنا أعتذر منكم لأني جعلت هذا الأحمق هو من يبدأ بالحديث من دون أن أعرفكم عليه مسبقاً.

نصيحتي الأخيرة لكم، لا تجعلوا قلوبكم مليئة بالحقد تجاه الآخرين حتى لا تدور الحياة بكم ثم تصبحون مثل هذا الشخص، سالباً لكل معاني الإيجابية والأمل ولا يجيد سوى لغة التحطيم والانهزام والخسارة وأن كل شيء من حولنا قد انتهى فعلاً.


محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم

No comments:

Post a Comment