قاتل ... إما أن
تنتصر أو أن تهزم. كلمات تبعث في داخلك حافز القتال و الجهاد نحو الانتصار في
ميادين الحياة.
و هذه الميادين كثيرة و متشعبة و كل شخص منا يقاتل في الجبهة التي
أمامه فمنهم من يقاتل في سبيل إيجاد لقمة العيش لأبنائه و منهم من يقاتل من أجل بر
والديه و الرعاية بهم و الاهتمام بهم. و هناك من يقاتل في شبابه من أجل تكوين نفسه
و بناء أسرته الجديدة و احتواء أبناءه الجدد.
لكن هناك فئة من
البشر من تقاتل وحشاً فتاكاً لا رحمة فيه و هم محاربي السرطان الذي يرسمون البسمة
على شفاه الجميع بالرغم من ألمهم بسبب العلاج و بالرغم من وجودهم في مكان واحد ألا
وهو غرفة المستشفى. تلك الغرفة الكئيبة التي لا تسمع فيها سوى أصوات الأجهزة و
انذاراتها التي تصدر بين فترة و أخرى. و كل ما يملكونه في تلك اللحظة هو الدعاء فقط و
التعلق بالله عزوجل مهما كانت ظروفهم و مهما كانت حالتهم الصحية سيئة أو متدهورة.
لكنهم يقاتلون بشراسة و يصبرون رغم الدمع و الألم و أوجاع نيران العلاج الكيماوي.
إن أملهم في هذه
الحياة هو البقاء و التعايش مع الآخرين كبقية البشر و أيضاً الانتصار على هذا
المرض المعروف بالسرطان مهما كان نوعه أو درجة خطورته. و يحاولون جاهدين التماسك
بكل ذرات الأمل المتناثرة حولهم. على الرغم من أنهم يواجهون سخرية البعض من البشر
إلا أن الله سبحانه و تعالى إذا أخذ من عبده شيئاً عوضه بشيء آخر و قد أعطاهم الله
عزوجل و منحهم قدرة الصبر الجميلة التي يستطيعون من خلالها تجاوز كل الآلام و
الصعاب و المشاق خلال رحلتهم الطويلة لقتال هذا المرض
إن عنوانهم الأبرز
في هذا الميدان هي كلمتين فقط "أكون أو لا أكون" و بالطبع فمع ثقتهم
العالية بالله عزوجل و أملهم الكبير بالشفاء فسوف تكون الإجابة الوحيدة التي سوف
يرددونها هي "نعم سوف أكون ولن أقبل أدنى من ذلك أبداً". لسان حالهم
يمتلأ دائماً بذكر الله عزوجل و الدعاء له من أجل أن يعينهم على هذه المعركة الطويلة
و الرفض القاطع لأي نقطة استسلام أو تراجع عن القتال في هذا الميدان
إن حديثي هذا ليس
بمعنى رفض القضاء و القدر و لكن الله عزوجل أمرنا بالسعي في هذه الأرض مهما كانت
ظروفنا و مهما كانت أحوالنا. علينا فقط أن نتوكل على الله عزوجل ثم ننطلق مواجهين
هذه الحياة بكل أمورها و بكل أحوالها و ألا نخاف أو نجزع من أي أمر يطرأ في حياتنا
قد يقلبها إلى وضع أسوأ. فبالإيمان بالله عزوجل و الرضا بقضاءه و قدره, نستطيع
التعايش في هذه الأرض و أن نتقبل كل أمر يحدث فيها مهما كان و مهما بلغت درجة
خطورته.
و لذلك فإن محاربي
السرطان يحملون رسالة سامية و رسالة خالدة لجميع الأجيال من بعدهم و ذلك بأن
يتذكرهم الجميع بأنهم كانوا أبطالاً يوماً من الأيام. و قاتلوا بشرف و لم يستسلموا
أبداً أو أن يتراجعوا للخلف خطوة واحدة. و أن قلوبهم لم تكن تحمل بداخلها سوى
المحبة و السعادة و الأمل و الإيجابية و الرغبة في نشر السلام حول العالم بالرغم
من ظروفهم الصحية الصعبة.
إن هؤلاء الأبطال
يستحقون دائماً الإشادة بهم و التقدير لهم و ذلك لأنهم لم يعتزلوا الحياة أو أنهم
اكتفوا بأنفسهم و حسب. بل كانوا يزرعون الأمل و الإيجابية في حياة الآخرين حتى لو
كانوا أصحاء. و لهذا لم يتملكهم غريزة الأنانية أو دافع حب النفس فقط. بل جعلوا
حياة الآخرين و حبهم لهم في نصب أعينهم و حاولوا جاهدين و بكل الوسائل التي
يملكوها أن يزرعوا ابتسامة عريضة على وجه كل شخص محب و كل شخص متابع لقصة حياتهم و
قتالهم الطويل مع المرض
على سبيل المثال
فأنا أتابع عدداً من محاربي السرطان و من خلالهم أشاهد كيف أن حياتهم طبيعية و
بسيطة و لا تحمل أي طابع التكلف أو التكبر على الآخرين. بل كانوا دائماً مبتسمين و
متجاهلين ما بهم من آلام و يهمهم في المقام الأول إسعاد الآخرين و رسم البسمة على
شفاههم. و كنت أتابع حياتهم بصمت و أشاهد بشكل دقيق الكلمات التي يكتبوها و التي
يعبرون من خلالها عن مشاعرهم و التي لم تكن سوى مشاعر إيجابية و طاقة متفجرة من
الأمل و الانطلاق نحو الحياة.
رسالتي الأخيرة هي
الالتفات لهذه الفئة من البشر و الاهتمام بهم و الرعاية بهم. فهؤلاء يحتاجون
لدعمكم و ملء طاقاتهم بكمية عالية من الإيجابية و التحفيز الملهم تماماً كما كانوا
يهتمون بكم و يحفزوكم و يحاولون جاهدين ألا يكسروا ابتسامتهم تحت ظروف الألم و
العلاج داخل المستشفى
محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
#إبتسامة_قلم