Friday, May 26, 2017

الصديق ... الصاحب ... الزميل بالإضافة إلى القريب, من هم هؤلاء؟

أهلاً و سهلاً بكم يا أصدقائي مرة أخرى. اليوم لدينا موضوع شيق و أعتبره بالنسبة لي مهماً جداً في علاقاتك الاجتماعية. و من باب آخر فإن هذه المقالة سوف يتم نقل بعض أجزائها كاقتباسات لروايتي الجديدة القادمة في القريب بإذن الله. و لذلك سوف يكون هناك رابط بين هذه المقالة و بين الرواية الجديدة.
لن أتحدث كثيراً في تفاصيل الرواية أو أحداثها بحكم عدم تسجيلها و فسحها حتى لحظة كتابة هذا المقال. و لكن سوف أتحدث عن تعريفات مهمة يجب أن يعي كل شخص معناها في حياته و أن ينظر لها بنظرة اهتمام و تركيز للتفريق بين كل تعريف و الآخر.
حسناً سؤالنا كما هو العنوان تماماً, من هؤلاء الأشخاص في حياتنا؟ و ما هي درجة علاقتنا بهم؟ أو درجة ما نسميه بالمصطلح الدارج بين البشر ( الميانة )؟ هل جميع هؤلاء يتساوون في الدرجة و القرب أو البعد منا؟ 
إن كل شخص من هؤلاء الأشخاص له هيكلته الخاصة و كيانه الخاص و درجة قرب معينة يجب أن يفهمها هذا الإنسان و أن يضعها نصب عينيه. كذلك يجب أن يعرف إلى أي مدى يقوم بالمصارحة معه في جميع شئون حياته الشخصية حتى لو كانت أموراً سرية لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها. 

إن أول هؤلاء الأشخاص هو الصديق و هو أعلى مراتب القرب من الإنسان درجة. فهذا الإنسان يكون مشاركاً لك بدرجة 100% لجميع أمور حياته و لا يخفي عنك حتى دبيب النملة لو سمعها في إحدى الليالي, بل يخبرك بها و يقول لك لقد سمعت النمل و هو يمشي مساء البارحة. إن هذا الشخص قريب منك إلى درجة لن تصدقها فهو يتشارك معك الطعام على طاولة واحدة و من الممكن أن يتناول معك من نفس الملعقة و من نفس الصحن. و نحن العرب نسميه بالمصطلح المعروف ( أكل عيش و ملح ). كذلك لن يتخلى عنك هذا الصديق في أصعب المواقف, بل أشدها قسوة و يبادر من نفسه في الدفاع عنك أو مساعدتك بل من الممكن أن تصل إلى درجة أن يحل مكانك لو تم اتهامك في قضية سرقة لا سمح الله. إن هذا الكائن أراه من منظوري الشخصي مثل الكائن الفضائي, غير موجود بيننا. لأنك لو مرضت لا سمح الله بالتهاب في الكلى أو الكبد و اضطررت إلى الحصول على هذا العضو من صديقك فإنه لن يمانع بل سوف يبادر إلى منحك إياها. و أما عن حياته الشخصية فهو كالكتاب المفتوح أمامك تعلم عنه كل صغيرة و كبيرة منه. و كذلك لا يتأخر في إخبارك عن جميع أخباره المستقبلية سواء السعيدة أو الحزينة. و لا يمانع هذا الصديق في أن يخبرك عن ماضيه لو أردت ذلك. إن الصديق هو الظل الأبيض الذي يجاورك في كل اتجاه و في كل خطوة تخطوها. و كذلك يشجعك باستمرار على فعل الأشياء الايجابية و فعل جميع الأمور التي تساهم في عمل الخير. و تجده يقرأ ما بداخلك بشكل مباشر حتى لو لم تخبره ما الذي تعاني منه بداخلك. و لهذا فإن الصديق يعتبر من أندر الأشخاص في حياتنا و وجودهم بيننا هو شيء صعب جداً للغاية. و إن وجدته يوماً من الأيام فأنا أنصحك بقراءة كتيب التعليمات حول طريقة المحافظة عليه و عدم ضياعه من بين يديك. لأنك لو خسرته يوماً من الأيام فلن تجد له العوض و لن تجد مثل هذه العملة في حياتك.

أما الشخص الثاني معنا فهو الصاحب. إن الصاحب يأتي بعد الصديق و هو مشابه له في بعض الصفات و ليس جميعها. فالصاحب إنسان يقف معك, نعم. و لكن وقوفه يكون بحدود معينة لا يريد هو أن يتجاوزها لسبب غير معلوم. و من فترة إلى أخرى يوافق على أن يشاركك الطعام و لكن في الغالب يعتذر لوجود أشخاص آخرين في حياته و هم أولى منك من حيث المعاملة. كذلك من حيث المساعدة في المواقف الصعبة فأقصى ما يقوم به هو اتصال هاتفي بأحد الأشخاص من أجل مساعدتك و إن لم يستطع فإنه يعتذر عن المساعدة. و أما من الناحية الطبية فأقصى طموحات هذا الصاحب هو أداء زيارة المريض ثم يتمنى لك الشفاء العاجل و يغادر المستشفى. و عن حياته الشخصية فهو إنسان غامض لا تفهم منه شيئاً و لا يريد أن يخبرك بشيء عن حياته و عن ماضيه و عن ماذا يفكر. و ينظر لك بنظرة الشخص الثاني في حياته. و إذا حاولت الاقتراب منه, يبدأ بالاعتذار منك و محاولة الانسحاب من أمامك و كأنك جدار أسود في حياته. إن الصاحب لا يشاركك الخطوات دائماً و لا يبقى معك فترة طويلة بل يؤدي مهمة معك ثم يرحل في حال سبيله. و إن أتت منه بعض النصائح الجيدة فهذا يدل على طيب معدنه. لأنه و للأسف فهناك بعض الأصحاب ممن يحملون الغدر بداخلهم مع أنهم يظهرون الطيب أمامك بعكس الصديق الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يغدر بك أو أن يتلون مائة لون أمامك. و أما عن اهتمامه بك فلا تجده أقرب الناس إليك و لا يقرأ ما يدور في عقلك أو لا يستطيع الوصول إلى درجة ماذا تقول عينيك و ما الذي تحمله بداخلك. و لهذا فإن الصاحب تجده بين الحين و الآخر في حياتك و من أهم المناطق التي تستطيع إيجاد الأصحاب فيها, هي مرحلة الدراسة و مرحلة العمل. أما خارج هاتين الدائرتين فلا تجد سوى الصديق فقط. 

حسناً, دعونا نرى من هو الزميل؟ إن الزميل أقل درجة من الصديق و الصاحب و يكون محدوداً للغاية بعمل معين مثل أن تتشارك مع شخص ما داخل فريق عمل معين أو داخل مجموعة تطوعية لأداء مهمة معينة. و لا يتجاوز هذا الزميل هذه المهمات و من بعدها يفترق كل شخص إلى الجهة التي يرغب بالذهاب إليها. و من أهم المميزات التي تميز هذا الزميل أنه لا يتحدث إليك بتاتاً بصفة شخصية و لا يطلب منك أي مساعدة خاصة أو أن تقدم له خدمة لكي يستعين بها. و السبب أن لديه أصدقائه و أصحابه. و لهذا فإنه ينظر إليك نظرة عمل فقط و ليس أكثر من ذلك. و الزميل في غالب الوقت تنتهي علاقتك معه بانتهاء هذه المهمة أو المجموعة. و لو كنت موظفاً على سبيل المثال فإن الزميل تنتهي علاقتك معه بانتهاء دوام عملك و لا يتواصل معك بعدها. و لهذا يعتبر الزميل أبعد البشر إليك و لا تستطيع أن تحادثه بأمورك الشخصية و الخاصة و تلتزم معه بأمور العمل فقط و لا تتجاوزها بتاتاً 

و في الختام نصل إلى القريب. حيث أن الأشخاص من ذوي القربى و الأرحام لا يملكون صفة معينة بحد ذاتهم. فربما تجد أحد الأقارب من هو صديق لك. و ربما من تجده زميل لك. إن اختلاف الأقارب يؤكد على صحية العلاقة و أن العائلة متنوعة العلاقات الاجتماعية. فمن اجتمعت به صفة الصداقة و القرابة فهذا من أعلى المراتب لأنه ينظر إليك بنظرتين مهمتين جداً أولها نظرة القرابة و تعني الرحمة و صلة الرحم و هي من أهم الواجبات التي أوجبها ديننا الحنيف في حياتنا. ثم نظرة الصداقة و هي النظرة المهمة في حياتك حتى يكون سنداً لك و معيناً لك مثل ظلك. و أما من اجتمعت صفة الزمالة و القرابة, فأنا أنصحك هنا بأن تؤدي حق الله فقط في هذه القرابة و أن تقوم بزيارته و وصله و السؤال عنه و مشاركته بعض المناسبات الرسمية مثل شهر رمضان و الأعياد الإسلامية. و لا تزد عن ذلك رغبة في راحته و عدم إزعاجه. 

إذا وصلنا إلى تعريف كل شخص من هؤلاء لكن السؤال الآن, أيهم أبحث عنه في حياتي من بين هؤلاء الأشخاص؟ في الحقيقة, الإجابة سوف تكون صعبة للغاية. لأن الأشخاص ليسوا سواء من ناحية الظروف و الانطباعات و التغير المزاجي. فهناك أشخاص يكونون أصدقاء ثم يتحولون فجأة و برغبة منهم إلى أصحاب. و هناك زملاء يرتقون إلى درجة أعلى و يطمحون نحو الصداقة. 
إن هذه العلاقات الاجتماعية معقدة و شائكة جداً و تصل إلى درجة الاستغراب و علامات الاستفهام المتكررة. و للأسف ربما تصل إلى درجة الشك في هذه العلاقة و التي بدورها تصل إلى درجة الهدم ثم الفراق و كل شخص يسير في اتجاه مختلف. 

إن أفضل ما يمكنك عمله هو أن تتدرج في هذه الرتب من الزميل حتى الصديق و لكن احذر ألف مرة عند التحدث معه كصديق. فلحظة الغدر قد تأتي منه إذا تحول إلى صاحب. و المعنى أنه يبدأ في التحول التدريجي من صديق إلى صاحب من دون أن تشعر بذلك و تصطدم فجأة بطعنة الغدر و أنت تحسبها أنها أتت من صديق لكن للأسف أتت من صاحب. 

و لهذا فإن الصاحب هو أشد درجات العلاقات الاجتماعية عتمة بل أكثرها تلوناً و لا تعلم في هذه الدرجة من هو هذا الشخص الواقف أمامك و ما هي الطريقة التي يعاملك بها؟ و هل هو صديق أم زميل؟ 

و لذلك اجعل الحذر ملازماً لك حتى تجد ذلك الموقف الذي يخلده التاريخ لك ثم تسمي الشخص الواقف أمامك ( صديق ). لأن الصداقة يا عزيزي القارئ مواقف و ليست فترة عمر. و بهذا الموقف تستطيع التثبت منه و المحافظة عليه مدى العمر. 

No comments:

Post a Comment