Saturday, May 20, 2017

السكران و الغاضب ... أصحاب الحقيقة

هناك مقولة تقول بأن أصدق شخصين في الحديث هما الشخص السكران و الشخص الغاضب.
لكن هل هذه حقيقة؟ هل بالفعل أن كل ما يتحدث به هؤلاء يعبر عن حقيقة ما يشعرون به من الداخل؟
في الحقيقة و بحسب وجهة نظري الشخصية و القاصرة و التي تحتمل الصواب أو الخطأ , أرى أن هذه المقولة صحيحة.
السبب بكل بساطة لأن من يشرب كثيراً يفقد كثيراً و المعنى في بطن الشاعر أي يفقد عقله أكثر. 
و هذا بالطبع ليس تحليلاً مني بشرب الخمر و العياذ بالله لأن تعاليم ديننا الحنيف لا تسمح بذلك.
أما الشخص الغاضب فهو بالفعل يفقد عقله عند الغضب و يتفوه بالكثير من الأحاديث معظمها قد تكون صادقة.
لكن ما الرابط بينهم؟
إن الرابط الوحيد بينهم هو اختفاء العقل الواعي و ظهور العقل اللاواعي للحديث أو ما نسميه العقل الباطن. 
فهذا العقل هو منبع الأسرار و منبع الحديث و منبع كل أسلوب أو تفكير أو حتى خطوة يقوم بها الإنسان. 
و لهذا فإن عقلك الباطن هو أخطر ما تملك بدون أن تشعر. 
و يجب عليك في المقابل أن تراقب هذا العقل و أن تعلم بماذا تغذيه هل يتغذى على الخير أم على الشر؟
هل تلقنه كلمات الخير و المحبة و التسامح و العفو و المغفرة؟ أم كلمات اللعن و البذاءة و الابتزاز و كل حقد دفين تجاه شخص آخر؟
أكاد أجزم أن كل حرف ينطقه هؤلاء الاثنان يعبر عن تراكمات ماضية ظلت في داخل الإنسان حبيسة في زنزانة الأفكار و تفكر كيف السبيل للخروج. 
و المصيبة العظمى في هذين الشخصين أنهم يتحدثون بكل صراحة ووضوح و بدون أي مجاملة مهما كانت هذه الحقيقة مؤلمة و قاسية تجاه من يستمع إلى الكلام. 
حتى لو كان أسلوبهم فظاً و غير لبق و إن كان الغاضب صوته عالياً و السكران صوته منخفضاً لكن رنين الكلمات تشعرك أنها مسامير تطرق في جسدك مسماراً تلو مسمار.
و أنك تقف مذهولاً أمام هؤلاء و كيف يتحدثون بهذه الطريقة و الأغرب كيف استطاعوا مجاملتك فترة من الزمن و خدعوك بالكلم الطيب حتى تصدقهم و تسايرهم و تمضي معهم فترة من الزمن دون أن تكترث أو حتى تنتبه إلى كمية الحقد و الضغينة التي يخبئها و يجمعها هذا الشخص بداخل قلبه أو بالأصح داخل عقله الباطن و هو ينتظر فقط لحظة الإنفجار النهائية حتى يخرج كل ما بداخله.
و لهذا فإن أغضبت أحدهم بدون قصد ثم انفجر بك بهذه الطريقة فإعلم أن هذه هي مكانتك الحقيقية بداخل قلبه و أن هذا هو مقدار الاحترام الذي يكنه لك حتى لو اعتذر بعد ذلك.
قد ترى أنه غريبٌ جداً أن أصدق شخصاً فاقد العقل الواعي و يتحدث بعقله اللاواعي و أعتبر حديثه هذا صحيحاً.
لكن طالما أمرنا ديننا الحنيف بالعفو و الصفح عن الآخرين و تنظيف قلوبنا أو بالأصح عقولنا الباطنية من كل كلمات الشر
و من ذلك الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه و سلم عندما حدث الصحابة رضوان الله عليهم بأن هناك رجل سوف يطلع عليهم و هو من أهل الجنة. و قد كررها صلوات ربي عليه وسلم ثلاث مرات و عندما بحث الصحابة في هذا الأمر وجدوا أن الرجل لا يقوم بأي شيء خارق سوى الصفح و العفو عن الآخرين قبل أن ينام و هذا علاج ممتاز من أجل أن لا تتراكم البغيضة و الشحناء بداخلك لفترات طويلة ثم تخرجها أثناء غضبك بطريقة مستفزة و النتيجة هي خسارة شخص أحبك من قلبك و اعتبرك أخاً له لكن لم تكن تقدر هذه النعمة.
بل كنت تحصي له الزلات و الهفوات و كنت تنظر لكل صغيرة و كبيرة تحدث منه أمامك و ربما تفسرها بسوء الظن.
و عن سوء الظن فقد أفرغت لهذا الموضوع قصصاً عديدة حدثت معي شخصياً خلال روايتي الجديدة و التي لم ترى النور بعد حتى الآن إلى أجل غير مسمى. و أظهر فيها كيف أن الغضب يقول الحقيقة لكن في المقابل سوف تكون هناك خسائر مدوية. 

إن الغضب و فقد العقل نتيجة شرب الخمر من أسوأ الأدوات التي قد تواجه أي إنسان حول الأرض إلى إخراج كبته و غضبه و ربما يكون غاضباً من أشخاص آخرين ثم يفرغها جميعاً على شخص برئ لا ذنب له. 

لذلك نصيحتي لكم هي الصفح و العفو الدائم و تذكر دائماً الذكرى الجيدة قبل الذكرى السيئة و أن من يمد يده لك بالخير فصافحها بالخير و لا تجعل عقلك الباطن يتوجه له بأي كلمة من كلمات الشر حتى لا تؤذي نفسك ثم تؤذي البشر. لأن البشر قوالب من زجاج و قد تتحطم في أي لحظة فأمسك لسانك. 

No comments:

Post a Comment