Thursday, January 11, 2024

إنسان مليء بالمشاعر ولكن بلا مشاعر

 ولكي أصدقكم القول فيما سأكتبه إليكم هذا اليوم، فقد استلهمت هذه المدونة أثناء قيادتي للسيارة في طريق العودة من مدينة مكة المكرمة إلى مدينة جدة وكنت خلال القيادة، أستمع إلى أغنية الفنان المصري المعروف والذي ذاع صيته منذ زمن وهو الفنان عمرو دياب في أغنيته التي حملت عنوان "صدقني خلاص".

حينها تذكرت تلك الرسالة الصوتية التي بعثت بها إلى صديقي والتي أخبرته فيها عن إحساسٍ يسري بداخلي آنذاك وهو الإحساس بأنني إنسانٌ مليءٌ بالمشاعر ولكن بلا مشاعر.

يا ترى كيف يمكن لشخصٍ أن يحمل صفتين لا تجتمعان في شخصٍ واحد.

مليءٌ بالمشاعر!!!

ولكن بلا مشاعر!!!

في حقيقة الأمر، فإن أصدقائي وجميع المحيطين بي من حولي يقولونها أمامي وبكل ثقة، بأن روحي حساسة للغاية ومليئة بالمشاعر تجاههم وبالتحديد مشاعر المحبة التي أحملها في قلبي نحوهم وكذلك مشاعر الخوف عليهم أو الخوف من أن يصيبهم أي مكروهٍ – لا سمح الله –.

وعلى الوجه المقابل فأنا أشعر بداخلي بأنني لم أذق في حياتي تلك المشاعر وبالتحديد تلك المشاعر الرحيمة التي يستشعر بها أي إنسان لديه أخت، سواءً كانت أختٌ صغيرة أم أختاً كبيرة.

وذلك لأنني أكبر أخوتي في عائلتي وجميع أخوتي الأصغر مني هم من الذكور.

فلذلك لا أعلم حقيقةً كيف هي المشاعر الحقيقية التي تُكنها الأخت تجاه أخيها.

هذا من جانب ...

أما من جانبٍ آخر ... فكذلك لم أذق في حياتي مشاعر الأمومة أو محبة الأم كعاطفة، كتواجد بالقرب في حالة الحزن أو الشعور بالضيق، أو كنوعٍ من الطبطبة على الكتف.

نعم ... كانت أمي موجودة ولا تزال إلى الآن على قيد الحياة – وأسأل الله تعالى أن يمد في عمرها بالصحة والعافية – ولكن كانت تعبر عن حبها لي بالمادة، أي أنها كانت دائماً تشتري لي كل ما أرغبه سواءً كانت ألعاب أو ملابس أو أي أمرٍ مادي يرغبه أي طفل يبلغ من العمر على سبيل المثال 6 سنوات أو حتى 10 سنوات. وكانت دائماً تقول لي: - "أنا التي اشتريت وأنا التي اشتريت وأنا التي اشتريت".

وكانت بالنسبة لي في طفولتي، أمراً غيرَ محبذٍ إلى روحي لأنني بالفعل كنت أريد شخصاً يشعر بما في داخلي، شخصاً يفهمني، شخصاً يحتوي تلك الأعاصير التي تهيج بداخلي في تلك الفترة وكنت في حقيقة الأمر أبحث عمن يجلس إلى جواري ويضع يده على كتفي ويطبطب عليها بكل حنية ويقول لي: - لا تقلق يا أحمد، كل شيء بخير، وكل أمر هو بخير وكل ما تمر به سيكون على خير.

وبالمناسبة ... وعن حديثنا حول المشاعر و ما يتعلق بها، تذكرت أيضاً خلال قيادتي للسيارة ما كتبته عن مشاعر معينة لأن المشاعر أنواع – كما أستطيع أن أنظر إليها –، فهناك المشاعر العاطفية أي مشاعر المواساة والمؤاخاة وغيرها، وهناك المشاعر الفكرية، وهناك المشاعر المعنوية أي الدعم المعنوي كالتشجيع والتحفيز المستمر على الاستمرار وهناك مشاعر مميزة من بين هذه المشاعر اسمها "الحب".

وأتذكر هنا جيداً ما كتبته في إحدى المجتمعات الثقافية عن نظرتي وفلسفتي تجاه "الحب" بالرغم من أنني كما ذكرت خلال شرح هذه الفلسفة، بأنني لم أذق مشاعر الحب، بطريقتها الطبيعية وبتصرفها الطبيعي الفطري الذي وجد في حياتنا، وكذلك عدم رغبتي في أن أتذوق طعم الحب.

لذلك نظرت في هذه الفلسفة نحو الحب من زاوية إن كان الحب يأتي من الحرمان الداخلي للشخص والذي يؤدي بطبيعة الحال إلى العطاء أم هي مجرد مشاعر طبيعية تأتي بمجرد أن تدب الروح في أجسادنا ببطون أمهاتنا" وعن نص هذه الفلسفة التي قلت فيها: -

"دائماً ما يقال أن العطاء ينبع من الحرمان

أياً كان هذا العطاء

سواءً عطاء مادي

أم عطاء عاطفي

أم عطاء معنوي

أم عطاء فكري وغيره

ولكن هل الحب هو عطاء لتعويض النقص لدى الطرف الآخر بحجة الحرمان لدى الطرف الأول؟

سؤال فلسفي عميق ...

أعتقد والله سبحانه أعلم

أن الحب هو فعل جوهري لا يحتاج إلى حرمان كي يدفعنا للتعويض.

الله عز شأنه يحبنا نحن عبيده وليس في حاجة إلى حبه لنا لأنه الكامل وله ملكوت كل شيء.

فهل حبه لنا لأن لديه حرمان؟

و لله المثل الأعلى جل في علاه.

لذلك أعتقد أن الحب ... بمنظوري كما أراه هو غريزة داخلية وُجدت بداخل أرواحنا منذ أن دبت الحياة في أجسادنا بداخل بطون أمهاتنا.

وهي الغريزة الأصيلة التي لا يقابلها شيء أو أن تتغذى على شيء.

عدا شيءٌ واحد فقط حرمه الله عزوجل على نفسه وهذا الشيء هو الوقود الذي يشعل الغريزة المضادة للحب وهي الغريزة الطارئة أو اللاحقة والتي تكون بمسمى غريزة الكره والعداوة.

وتغذيها ما حرمه الله على نفسه وهو الظلم.

لذلك أرجو إطعام غريزة الحب ... بنشره فيما حولكم، لأنها الأصالة التي تستمر من خلالها الحياة".

وبذلك أنتهي من ذكر هذه الفلسفة كي أصل بكم إلى خاتمة رائعة أختم بها هذا الحديث الذي أكتبه إليكم اليوم، وهو أن الإنسان وإن لم يتلقَ أي مشاعر من أخته أو أخيه أو أمه وأبيه إلا أن روحه لا تزال طاهرة ومليئةً بمشاعر العطاء.

وأقصد بمشاعر العطاء هنا أي مشاعر الحب والمحبة تجاه الآخر وهي الشيء الثمين الذي يوجد بداخل كل روحٍ أصيلة من أرواحنا.

 

محبكم

#أحمد_حسين_فلمبان

كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم

No comments:

Post a Comment