Tuesday, December 11, 2018

الخذلان

            استيقظت متأخراً هذا المساء و كانت الساعة تتجه بعقاربها نحو التاسعة تماماً.
            نهضت و الكسل يرهقني كثيراً و شعرت بأن جسدي عبارة عن صفيح ساخن من الألم الشديد.
            نعم , نهضت من هنا ثم توجهت لكي أغسل وجهي من آثار النوم. و أما خطوتي التالية بعد استعادة نشاطي هو تفقد المنزل و الاطمئنان على أحوال أسرتي. حيث أن أبي كعادته لا يعلم عن أحوالنا و قد أوكل مهمة الاهتمام بالمنزل إلى أمي. و أما أمي فقد كانت تنتقم من أبي و تصرفاته و لهذا لم تكن تقوم بدورها كدار للأمان و الاطمئنان.
            لقد اعتدت أنا و أخوتي الأربعة على هذا الخذلان الكبير منهم و في الحقيقة أنا أيضاً لم أعد أهتم لأمرهم و لم أعد أحرص على تفقد أحوالهم. حيث أن جل اهتمامي هو رعاية أخوتي و مساعدتهم في دروسهم اليومية.
            لم أكن أعي ذلك القدر الكبير بكلمة والدين و مع هذا فأنا لم أتجاوز تلك الخطوط الحمراء الخاصة بهم.
            أعي جيداً بعد أن أصبحت في الخامسة و العشرين من عمري معنى الخذلان جيداً. و لهذا أصبحت أكثر حساسية من المحيطين بي و من المجتمع بأكمله.
            لقد دفعتني هذه التجربة المريرة إلى زيادة وحدتي و ابتعادي عن الآخرين أكثر من السابق.
            و في بعض الأحيان أفكر في أولئك الأيتام الذين فقدوا والديهم و المقدرة الكبيرة التي يملكونها على تجاوز حقيقة وحدتهم البريئة في هذا العالم.
            ربما استطاعوا ذلك لأن هذا أمر ليس باختيارهم أو اختيار والديهم الذين رحلوا. بل هو اختيار القدر.
            و هنا تتجلى رحمة الله عزوجل بأن يكون هؤلاء الأبناء شفعاء لوالديهم وذلك بكثرة الاستغفار لهم و أيضاً ربما تكون و بطريقة غير مباشرة رحمة للوالدين بالابتعاد عن أبنائهم.
            إذا محصلة الأمر أن ما حدث لم يكن باختيارهم. لكن ما حدث معي و مع أخوتي لم يكن إلا باختيارهم أنفسهم و أنها حرب انتقامية بين الطرفين و ضحيتها نحن الأبناء.
            الذي وصل الأمر بي إلى سؤال نفسي ( لماذا حضرت إلى هذا العالم ؟ )
            إذا كان شعوري أن العالم الداخلي و هو منزلي, يرفضني و أن العالم الخارجي لا يهتم لأمري لأن لديه ما يكفي من المشاكل الله وحده أعلم بها ... إذا لماذا أنا هنا ؟ 
            إنها تجربة مريعة أن تعيش هذا النكران في الحياة و أن ترى هذا الخذلان العميق من أشخاص تحبهم و تكن لهم الكثير من الاحترام و التقدير.

محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
كاتب & محاسب

#إبتسامة_قلم 

No comments:

Post a Comment