استيقظت متأخراً هذا المساء و كانت الساعة تتجه بعقاربها نحو التاسعة
تماماً.
نهضت و الكسل
يرهقني كثيراً و شعرت بأن جسدي عبارة عن صفيح ساخن من الألم الشديد.
نعم , نهضت من هنا
ثم توجهت لكي أغسل وجهي من آثار النوم. و أما خطوتي التالية بعد استعادة نشاطي هو تفقد
المنزل و الاطمئنان على أحوال أسرتي. حيث أن أبي كعادته لا يعلم عن أحوالنا و قد
أوكل مهمة الاهتمام بالمنزل إلى أمي. و أما أمي فقد كانت تنتقم من أبي و تصرفاته و
لهذا لم تكن تقوم بدورها كدار للأمان و الاطمئنان.
لقد اعتدت أنا و
أخوتي الأربعة على هذا الخذلان الكبير منهم و في الحقيقة أنا أيضاً لم أعد أهتم لأمرهم
و لم أعد أحرص على تفقد أحوالهم. حيث أن جل اهتمامي هو رعاية أخوتي و مساعدتهم في
دروسهم اليومية.
لم أكن أعي ذلك
القدر الكبير بكلمة والدين و مع هذا فأنا لم أتجاوز تلك الخطوط الحمراء الخاصة بهم.
أعي جيداً بعد أن
أصبحت في الخامسة و العشرين من عمري معنى الخذلان جيداً. و لهذا أصبحت أكثر حساسية
من المحيطين بي و من المجتمع بأكمله.
لقد دفعتني هذه
التجربة المريرة إلى زيادة وحدتي و ابتعادي عن الآخرين أكثر من السابق.
و في بعض الأحيان
أفكر في أولئك الأيتام الذين فقدوا والديهم و المقدرة الكبيرة التي يملكونها على
تجاوز حقيقة وحدتهم البريئة في هذا العالم.
ربما استطاعوا ذلك
لأن هذا أمر ليس باختيارهم أو اختيار والديهم الذين رحلوا. بل هو اختيار القدر.
و هنا تتجلى رحمة
الله عزوجل بأن يكون هؤلاء الأبناء شفعاء لوالديهم وذلك بكثرة الاستغفار لهم و
أيضاً ربما تكون و بطريقة غير مباشرة رحمة للوالدين بالابتعاد عن أبنائهم.
إذا محصلة الأمر أن
ما حدث لم يكن باختيارهم. لكن ما حدث معي و مع أخوتي لم يكن إلا باختيارهم أنفسهم
و أنها حرب انتقامية بين الطرفين و ضحيتها نحن الأبناء.
الذي وصل الأمر بي
إلى سؤال نفسي ( لماذا حضرت إلى هذا العالم ؟ )
إذا كان شعوري أن
العالم الداخلي و هو منزلي, يرفضني و أن العالم الخارجي لا يهتم لأمري لأن لديه ما
يكفي من المشاكل الله وحده أعلم بها ... إذا لماذا أنا هنا ؟
إنها تجربة مريعة
أن تعيش هذا النكران في الحياة و أن ترى هذا الخذلان العميق من أشخاص تحبهم و تكن
لهم الكثير من الاحترام و التقدير.
محبكم
#أحمد_حسين_فلمبان
كاتب & محاسب
#إبتسامة_قلم
No comments:
Post a Comment